ذلك من طريق النظر فيقال الآثار بحمد الله في هذا الباب متفقة لا مختلفة وشروط الاختلاف منتفية بأسرها عنها وقد تقدم أن الغسل تارة والمسح والفرك تارة جائز ولا يدل ذلك على تناقض ولا اختلاف البتة ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكل أمته في بيان حكم هذا الأمر المهم إلى مجرد نظرها وآرائها وهو يعلمهم كل شيء حتى التخلي وآدابه ولقد بينت السنة هذه المسألة بيانا شافيا ولله الحمد.
وأما ما ذكرتم من النظر على تنجيسه فنظر أعشى لأنكم أخذتم حكم نجاسته من وجوب الاغتسال منه ولا ارتباط بينهما لا عقلا ولا شرعا ولا حسا وإنما الشارع حكم بوجوب الغسل على البدن كله عند خروجه كما حكم به عند إيلاج الحشفة في الفرج ولا نجاسة هناك ولا خارج وهذه الريح توجب غسل أعضاء الوضوء وليست نجسه ولهذا لا يستنجي منها ولا يغسل الإزار والثوب منها فما كل ما أوجب الطهارة يكون نجسا ولا كل نجس يوجب الطهارة أيضا فقد ثبت عن الصحابة أنهم صلوا بعد خروج دمائهم في وقائع متعددة وهم أعلم بدين الله من أن يصلوا وهم محدثون فظهر أن النظر لا يوجب نجاسته والآثار تدل على طهارته وقد خلق الله الأعيان على أصل الطهارة فلا ينجس منها إلا ما نجسه الشرع وما لم يرد تنجيسه من الشرع فهو على أصل الطهارة والله أعلم.
فائدة: تعليق الطلاق على أمر:
إذا علق الطلاق بأمر يعلم العقل استحالته عادة وأخبر من لا يعلم إلا من جهته بوقوعه وليس خبره مما قام الدليل على صدقه فقد قال كثير من الفقهاء بوقوع الطلاق عند خبره وقال محمد بن الحسن بعدم الوقوع وهو الصواب وهو اختيار ابن عقيل وغيره من أصحاب أحمد بن حنبل.
وصورة المسألة إذا قال: إن كنت