بالأمارات وإذا تأملتم الشرع وجدتموه يجوز التعويل على ذلك وقد ذهب مالك بن أنس رضي الله عنه إلى التوصل إلى الإقرار بما يراه الحاكم وذلك يستند إلى قوله: {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ} ومتى حكمنا بعقد الأزح وكثرة الخشب ومعاقد القمط في الحصن وما يصلح للمرأة والرجل يعنى في الدعاوي والدباغ والعطار إذا تحاكما في جلد والقيافة والنظر في الخنثى والنظر في أمارات القبلة وهل اللوث في القسامة إلا نحو هذا. أنتهي.
قلت الحاكم إذا لم يكن فقيه النفس في الأمارات ودلائل الحال كفقهه في كليات الأحكام ضيع الحقوق فهاهنا فقهان لا بد للحاكم منهما فقه في أحكام الحوادث الكلية وفقه في الوقائع وأحوال الناس يميز به بين الصادق والكاذب والمحق والمبطل ثم يطبق بين هذا وهذا بين الواقع والواجب فيعطي الواقع حكمه من الواجب السياسة العادلة جزء من الشريعة ومن له ذوق في الشريعة واطلاع على كمالها وعدلها وسعتها ومصلحتها وأن الخلق لا صلاح لهم بدونها البتة علم أن السياسة العادلة جزء من أجزائها وفرع من فروعها وأن من أحاط علما بمقاصدها ووضعها لم يحتج معها إلى سياسة غيرها البتة.
فإن السياسة نوعان: سياسة ظالمة فالشريعة تحرمها، وسياسة عادلة تخرج الحق من الظالم الفاجر وهي من الشريعة علمها من علمها وخفيت على من خفيت عنه ولا تنس في هذا الموضع قول سليمان نبي الله للمرأتين اللتين ادعتا الولد فحكم به داود للكبرى فقال سليمان: ايتوني بالسكين أشقه بينهما فقالت الصغرى: لا تفعل هو ابنها فقضي به للصغرى لما دل عليه امتناعها من رحمة الأم ودل رضى الكبرى بذلك على الاسترواح إلى التأسي بمساواتها في فقد الولد. وكذلك قول الشاهد من أهل امرأة العزيز {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ} {وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ} فذكر الله تعالى ذلك مقررا له غير منكر على قائله بل رتب عليه العلم ببراءة يوسف عليه السلام وكذب المرأة عليه، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم الزبير أن يقرر ابني أبي الحقيق بالتعذيب على إخراج الكنز فعذبهما حتى أقرا به. ومن ذلك قول علي للظعينة التي حملت كتاب حاطب وأنكرته فقال لها: "لتخرجن الكتاب أو