لا تبني على الأوهام وأجاب ابن عصفور عن هذا بأن قال: "لا يلزم أن يحل عبد الله محل أحد الواقع بعد (لا) لأن المبدل إنما يلزم أن يكون على نية تكرار العامل وقد حصل ذلك كله في هذه المسألة وأمثالها ألا ترى أن عبد الله بدل من موضع لا أحد فيلزم أن يكون العامل فيه الابتداء كما أن العامل في موضع لا أحد الابتداء وبلا شك أنك إذا أبدلته منه كان مبتدأ في التقدير وخبره محذوف وكذلك حرف النفي لدلالة ما قبله عليه والتقدير لا أحد فيها إلا عبد الله ثم حذف واختصر".
وهذا الجواب غير قوي إذ لو كان الأمر كما زعم لصح البدل مع الإيجاب نحو قام القوم إلا زيد لصحة تقدير العامل في الثاني وهم قد منعوا ذلك وعللوه بعدم صحة حلول الثاني محل الأول فدل على أنه مشترط.
فصل: قوله تعالى: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرض الْغَيْبَ إِلاّ اللَّهُ} .
قال الزمخشري: "هو استثناء منقطع جاء على لغة تميم لأن الله تعالى وإن صح الإخبار عنه بأنه في السماوات والأرض فإنما ذلك على المجاز لأنه مقدس عن الكون في المكان بخلاف غيره فإن الإخبار عنه أنه في السماء أو في الأرض ليس بمجاز وإنما هو حقيقة ولا يصح حمل اللفظ في حال واحد على الحقيقة والمجاز".
قلت: وقوله على لغة تميم يريد أن من لغتهم أن الاستثناء المنقطع يجوز إتباعه كالمتصل إن صح الاستثناء به عن المستثنى به وقد صح ههنا إذ يصح أن يقال لا يعلم الغيب إلا الله.
قال ابن مالك: "والصحيح عندي أن الاستثناء في الآية متصل و (في) متعلقة بفعل غير استقر من الأفعال المنسوبة حقيقة إلى الله تعالى وإلى المخلوقين كذكر ويذكر ونحوه كأنه قيل: لا يعلم من يذكر في السموات والأرض الغيب إلا الله تعالى" قال: "ويجوز تعليق (في) باستقر مستند إلى مضاف حذف وأقيم المضاف إليه مقامه والأصل لا يعلم من