بدائع الفوائد (صفحة 551)

أشبعنا الكلام على هذا فيما تقدم والله أعلم

فصل: اتصال لولا بضمير متصل مذهب سيبويه أن لولا إذا اتصل بها الضمير المتصل نحو لولا هـ ولولاك كان مجرورا وخالفه الأخفش وقال الأخفش والكوفيون هذه الضمائر مما وقع المضمر المتصل موقع المنفصل كما وقع المنفصل موقع المتصل في قولهم ما أنا كأنت ولا أنت كأنا وقد وقع المتصل موقع المنفصل في قوله:

وما نبالي إذا ما كنت جارتنا ... أن لا يجاورنا إلاك ديار

وقال المبرد: "بقول الكوفيين فأما حجة سيبويه فهي الاستعمال قال الشاعر:

وكم موطن لولاي طحت كما هوى ... بإجرامه من قلة النيق منهوي

قال الآخر:

لولاك هذا العام لم أحجج ...

وقال آخر:

لولاك لم يعرض لأحسابنا حسن ...

واحتج سيبويه على أن الضمير هنا مجرور بأن هذه الضمائر التي هي الهاء والكاف والياء إما أن تكون ضمائر نصب أو ضمائر جر ومحال أن تكون ضمائر رفع ولا يجوز أن تكون ضمائر نصب لأن الحروف إذا اتصل بها ياء المتكلم وكانت في موضع نصب اتصل بها نون الوقاية نحو (إني وأنني وكأني وكأنني) فإن أدى ذلك إلى اجتماع مثلين جاز حذف نون الوقاية فيقال إني وكأني ولكني فلو كانت الياء ضمير نصب لقالوا لولاني كما قالوا ليتني ولم يأت ذلك فتعين أن تكون ضمير جر فإذا ثبت هذا في الياء فكذلك في الكاف والهاء وأما الكوفيين فاحتجوا بأن الظاهر لا يقع بعد هذه الحروف إلا مرفوعا فكذلك المضمر وقد وجد ذلك في المنفصل فيكون المتصل كذلك ولكن هذه الضمائر المتصلة وقعت موقع الضمائر المنفصلة كما يقع المنفصل موقع المتصل فهما يتعاقبان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015