الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضدين أحدهما طلب الإيجاد والآخر طلب الإعدام كانا كالنوعين المتغايرين المتضادين فحسن لذلك العطف.
الموضع الثاني: قوله تعالى: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ} إلى قوله تعالى: {ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً} فقيل هذه واو الثمانية لمجيئها بعد الوصف السابع وليس كذلك ودخول الواو ههنا متعين لأن الأوصاف التي قبلها المراد اجتماعها في النساء وأما وصفا البكارة والثيوبة فلا يمكن اجتماعهما فتعين العطف لأن المقصود أنه يزوجه بالنوعين الثيبات والأبكار.
الموضع الثالث: قوله تعالى: {سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} قيل المراد إدخال الواو ههنا لأجل الثمانية وهذا يحتمل أمرين: أحدهما: هذا والثاني: أن يكون دخول الواو ههنا إيذانا بتمام كلامهم عند قولهم سبعة ثم ابتدأ قوله وثامنهم كلبهم وذلك يتضمن تقرير قولهم سبعة كما إذا قال لك زيد فقيه فقلت ونحوي وهذا اختيار السهيلي وقد تقدم الكلام عليه وأن هذا إنما يتم إذا كان قوله وثامنهم كلبهم ليس داخلا في المحكي بالقول والظاهر خلافه والله أعلم.
الموضع الرابع: قوله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إذا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} فأتى بالواو لما كانت أبواب الجنة ثمانية وقال في النار {حَتَّى إذا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} لما كانت سبعة وهذا في غاية البعد ولا دلالة في اللفظ على الثمانية حتى تدخل الواو لأجلها بل هذا من باب حذف الجواب لنكتة بديعة وهي أن تفتيح أبواب النار كان حال موافاة أهلها ففتحت في وجوههم لأنه أبلغ في مفاجأة المكروه وأما الجنة فلما كانت ذات الكرامة وهي مأدبة الله وكان الكريم إذا دعا أضيافه إلى داره شرع لهم أبوابها ثم استدعاهم إليها مفتحة الأبواب أتى بالواو العاطفة ههنا الدالة على أنها جاءوها بعدما فتحت أبوابها وحذف الجواب تفخيما لشأنه وتعظيما لقدرة كعادتهم في حذف الأجوبة وقد