عين إلى اليقين من باب قولهم نفس الشيء وذاته فعين اليقين نفس اليقين والعين التي هي عضو سميت عينا لأنها آلة ومحل لهذه الصفة التي هل العين وهذا من باب قولهم امرأة ضيف وعدل تسمية للفاعل باسم المصدر والعين التي هي حقيقة الشيء ونفسه من باب تسمية المفعول بالمصدر كصيد إضافة العين إلى الله قال السهيلي: "إذا علمت هذا فاعلم أن العين أضيفت إلى الباري تعالى كقوله: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} " حقيقة لا مجازا كما توهم أكثر الناس لأنه صفة في معنى الرؤية والإدراك وإنما المجاز في تسمية العضو بها وكل شيء يوهم الكفر والتجسيم فلا يضاف إلى الباري تعالى لا حقيقة ولا مجازا ألا ترى كيف كفر الرومية من النصارى حيث قالوا في عيسى إنه ولد على المجاز لا على الحقيقة فكفروا ولم يدروا ألا ترى كيف لم يضف سبحانه إلى نفسه ما هو في معنى عين الإنسان كالمقلة والحدقة حقيقة ولا مجازا نعم ولا لفظ الإبصار لأنه لا يعطي معنى البصر والرؤية مجردا ولكنه يقتضي مع معنى البصر معنى التحديق والملاحظة ونحوهما قلت كأنه رحمه الله غفل عن وصفه بالسميع البصير وغفل عن قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "لأحرقت سبحات وجهه ما أدركه بصره من خلقه " رواه مسلم وابن ماجه وأحمد وأما إلزامه التحديق والملاحظة ونحوها فهو كإلزام المعتزلة نظيره في الرؤية فهو منقول من هناك حرفا بحرف وجوبه من وجوه الأول ما تعني بالتحديق والملاحظة أمعنى البصر والإدراك أو قدرا زائدا عليهما غير ممتنع وصف الرب به أو معنى زائدا يمتنع وصفه به فإن عنيت الأولين منعنا انتفاء اللازم وإن عنيت الثالث منعنا الملازمة ولا سبيل إلى إثباتها بحال الثاني أن هذا التحديق والملاحظة إنما تلزم الصفة من جهة إضافتها إلى المخلوق لا تلزمها مضافة إلى الرب تعالى وهذا كسائر خصائص المخلوقين التي تطرقت الجهمية بها إلى نفي صفات الرب وهذا من جهلهم وتلبيسهم فإن خصائص صفات المخلوقين لا تلزم الصفة مضافة إلى الرب تعالى كما لا يلزم خصائص وجودهم وذاتهم وهذا مقرر في موضعه وهذا الأصل الذي فارق أهل السنة طائفتي