بدائع الفوائد (صفحة 222)

فيه ذلك المعنى جمع السلامة كأفضلون ويجمع مؤنثه على فعل كما يجمع مؤنث ما فيه من التفضيل وأما أجمع الذي هو توكيد الاسم الواحد فليس فيه من معنى التفضيل شيء وكان كباب أحمر ولذلك استغنى أن يقال كلاهما أجمعان كما يقال كلهم أجمعون لأن التثنية أدنى من أن يحتاج إلى توكيدها إلى هذا المعنى فثبت أن أجمعون لا واحد له من لفظه لأنه توكيد لجمع من يعقل وأنت لا تقول فيمن يعقل جاءني زيد أجمع فكيف يكون جاءني الزيدون أجمعون جمعا له وهو غير مستعمل في الإفراد وسر هذا ما تقدم وهو أنهم لا يؤكدون مع الجمع والتثنية إلا بلفظ لا واحد له ليكون توكيدا على الحقيقة لأن كلا جمع ينحل لفظه إلى الواحد فهو عارض في معنى الجمع فكيف يؤكد به معنى الجمع والتوكيد تحقيق وتثبيت ورفع للبس والإبهام فوجب أن يكون مما يثبت لفظا ومعنى وأما حذف التنوين من جمع فكحذفه من سحر لأنه مضاف في المعنى فإن قيل: ونون الجمع محذوفة في الإضافة أيضا فهلا حذفت من أجمعين لأنه مضاف في المعنى قيل الإضافة المعنوية لا تقوى على حذف النون المتحركة التي هي كالعرض من الحركة والتنوين ألا ترى أن نون الجمع تثبت مع الألف واللام وفي الوقف والتنوين بخلاف ذلك فقويت الإضافة المعنوية على حذفه ولم تقو على حذف النون إلا الإضافة اللفطية فإن قيل: ولم كانت الإضافة اللفظية أقوى من المعنوية والعامل اللفظي أقوى من المعنوي قيل: اللفظي لا يكون إلا متضمنا لمعناه فإذا اجتمعا معا كان أقوى من المعنى المفرد عن اللفظ فوجب أن تكون أضعف وهذا ظاهر لمن عدل وأنصف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015