بدائع الفوائد (صفحة 221)

تكرار معنى التثنية وإنما أفادك تثنية واحدة بخلاف كلاهما فإنه ليس بمنزلة قولك كل وكل وكذلك اثناهما المستغنى عنه بكليهما لا يقال فيهما اثن وإثن فإنما هي تثنية لا تنحل ولا تنفرد فلم يصلح لتأكيد معنى التثنية غيرها فلا ينبغي أن يؤكد معنى التثنية والجمع إلا بما لا واحد له من لفظه كيلا يكون بمنزلة الأسماء المفردة المعطوف بعضها على بعض بالواو وهذه علة امتناع الجمع فيه لأنك لو جمعته كان جمعا لواحد من لفظه ولا يؤكد معنى الجمع إلا بجمع لا ينحل إلى الواحد فإن قيل: هذا ينتقض بأجمعين وأكتعين فإن واحده أجمع وأكتع قيل سيأتي جوابه وإن شئت قلت: إن أجمع في معنى كل وكل لا يثنى ولا يجمع إنما يثنى ويجمع الضمير الذي يضاف إليه كل وأما قولهم في تأنيثه جمعاء فلأنه أقرب إلى باب أحمر وحمراء من باب أفضل وفضلى فلذلك لم يقولوا في تأنيثه جمعى ككبرى ودليل ذلك أنه لا يدخله الألف واللام ولا يضاف صريحا فكان أقرب إلى باب أفعل وفعلى وإن خالفه في غير هذا وأما أجمعون وأكتعون فليس بجمع ل أجمع وأكتع ولا واحد له من لفظه وإنما هو لفظ وضع لتأكيد الجمع بوزن الاسمين بمنزلة أثينون تصغير الاثنان فإنه جمع مسلم ولا واحد له من لفظه والدليل على ذلك أنه لو كان واحد أجمعين أجمع لما قالوا في المؤنث جمعاء لأن فعل بفتح العين لا يكون واحده فعلاء وجمعاء التي هي مؤنث أجمع لو جمعت لقيل جمعاوات أو جمع بوزن حمر وأما فعل بوزن كبر فجمع لفعلى وإنما جاء أجمعون على وزن أكرمون وأرذلون لأن فيه طرفا من معنى التفضيل كما في الأكرمين والأرذلين وذلك أن الجموع تختلف مقاديرها فإن كثر العدد احتج إلى كثرة التوكيد حرصا على التحقيق ورفعا للمجاز فإذا قلت: جاء القوم كلهم وكان العدد كثيرا توهم أنه قد شذ منهم البعض فاحتيج إلى توكيد أبلغ من الأول فقالوا: أجمعون أكتعون فمن حيث كان أبلغ من التوكيد الذي قبله دخله معنى التفضيل ومن حيث دخله معنى التفضيل جمع جمع السلامة كما يجمع أفعل الذي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015