وإنما يلزمه سيبويه ومن قال بقوله: ولولا الوحشة من مخالفة الإمام أبي بشر لنصرت قول الأخفش نصرا مؤزرا وجلوت مذهبه في منصب التحقيق مفسرا ولكن النفس إلى مذهب سيبويه أميل هذا كلام الفاضل وهو كما ترى كأنه سيل ينحط من صبب قلت: والكلام معه في ثلاثة مقامات أحدها: تحقيق مذهب الأخفش في أن قولك في الدار رجل ارتفاع رجل بالظرف لا بالابتداء والمقام الثاني: أن الحال من النكرة يمتنع أن يكون حالا من الضمير في الظرف والمقام الثالث: الكلام فيما ذكره من الدور في المسألة النحوية وأنه ليس مطابقا للدور في المسألة الفقهية فأما المقام الأول: فاعلم أن الأخفش مذهبه إذا تقدم الظرف على الاسم المرفوع نحو في الدار زيد كان مرفوعا ارتفاع الفاعل بفعله ومذهبه أيضا أن المبتدأ إذا كان نكرة لا يسوغ الابتداء به إلا بتقديم الخبر عليه وجب تقديمه عليه نحو في الدار رجل فإنه نص على هذا وهذا فلا ينبغي أن يبطل أحد كلاميه بالآخر ف في الدار رجل تقديم الظرف عنده واجب وجوب تقديم الخبر على المبتدأ به وعلى هذا فلا ضمير في الظرف بحال لو كان مذهبه أن المسألتين سواء في أن الاسم مرفوع بالظرف لم يلزم سيبويه أن يقول بقوله حتى يجعل الحال من النكرة وذلك أن قولك في الدار رجل ليس في الظرف ضمير فإنه ليس بمشتق ولا يتحمل ضميرا بوجه أقصى ما يقال إن عامله وهو الاستقرار يتضمن الضمير وهذا لا يقتضي رجوع حكم الضمير إلى الظرف حتى ينصب عنه الحال فإنه ليس واقعا موقعه ولا بدل من اللفظ به ألا ترى أنك لو صرحت بالعامل لم تستغن عن الظرف فلو قلت زيد مستقر لم تستغن عن قولك في الدار فعلم أنه إنما حذف حذفا مستقرا لمكان العلم به وليس الظرف نائبا عنه ولا واقعا موقعه ليصح تحمله الضمير فتأمله فإنه من بديع النحو وإذا كان كذلك فلا ضمير في الظرف فينصب عنه الحال بوجه فلم يبق معك ما يصح أن يكون صاحب الحال إلا تلك النكرة الموجودة فلهذا جعل الإمام أبو بشر وأئمة أصحابه الحال منها لا من غيرها وأما المقام الثاني: فاعلم أن