علامة الضمير في قمت فإن قلت: فهي علامة لضمير المتكلم في قمت فلم كان المخاطب أولى بها قلت: الأصل في التاء للمخاطب وإنما المتكلم دخيل عليه ولما كان دخيلا عليه خصوه بالضم لأن فيه من الجمع والإشارة إلى نفسه ما ليس في الفتحة وخصوا المخاطب بالفتح لأن في الفتحة من الإشارة إليه ما ليس في الضمة وهذا معلوم في الحس وأما ضمير المتكلم المخفوض فإنما كان ياء لأن الاسم الظاهر لما ترك لفظه استغناء ولم يكن بد من علامة دالة عليه كان أولى الحروف بذلك حرف من حروف الاسم المضمر وذلك لا يمكن لاختلاف أسماء المتكلمين وإنما أرادوا علامة تختص بكل متكلم في حال الخفض والأسماء مختلفة الألفاظ متفقة في حال الإضافة إلى الياء في الكسرة التي هي علامة الخفض إلا أن الكسرة لا تستقل بنفسها حتى تمكن فتكون ياء فجعلوا الياء علامة لكل متكلم مخفوض ثم شركوا النصب مع الحفظ في علامة الإضمار لاستوائها في المعنى إلا أنها زادوا نونا في ضمير المنصوب وقاية للفعل من الكسر وأما ضمير المتكلم المتصل فعلامته التاء المضمومة وأما المتكلمون فعلامتهم نافي الأحوال كلها وسرهم أنهم لما تركوا الاسم الظاهر وأرادوا من الحروف ما يكون علامة عليه أخذوا من الاسم الظاهر ما يشترك جميع المتكلمين فيه في حال الجمع والتثنية وهي النون التي في آخر اللفظ وهي موجودة في التثنية والجمع رفعا ونصبا وجرا فجعلوها علامة للمتكلمين جمعا كانوا أو تثنية وزادوا بعدها ألفا كيلا تشبه التنوين أو النون الخفيفة ولحكمة أخرى وهي القرب من لفظ أنا لأنها من ضمير المتكلمين فإنها ضمير متكلم فلم يسقط من لفظة أنا إلا الهمزة التي هي أصل في المتكلم الواحد وأما جمع المتكلم وتثنيته ففرع طار عن الأصل فلم تمكن فيه الهمزة التي تقدم اختصاصها بالمتكلم حتى خصت به في أفعل وخص المخاطب بالتاء في تفعل لما ذكرناه وأما ضمير المرفوع المتصل فإنما خص بالتاء لأنهم حين أرادوا حرفا يكون علامة على الاسم الظاهر المستغنى عن ذكره