بدائع الفوائد (صفحة 171)

الاسم الجامد ولم يرد به ما هو جار على الفعل

فصل:

ولما علم من افتقاره إلى الضمير لا يجوز إقامة النعت مقام المنعوت لوجهين أحدهما احتماله الضمير فإذا حذفت المنعوت لم يبق للضمير ما يعود عليه الثاني عموم الصفة فلا بد من بيان الموصوف بها ما هو فإن أجريت الصفة مجرى الاسم مثل جاءني الفقيه وجالست العالم خرج عن الأصل الممتنع وصار كسائر الأسماء وإن جئت بفعل يختص بنوع من الأسماء وأعملته في نوع يختص بذلك النوع كان حذف المنعوت حسنا كقولك أكلت طيبا ولبست لينا وركبت فارها ونحوه أقمت طويلا وسرت سريعا لأن الفعل يدل على المصدر والزمان فجاز حذف المنعوت هاهنا لدلالة الفعل عليه وقريب منه قوله تعالى: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ} لدلالة الذرية على الموصوف بالصفة وإن كان في كلامك حكم منوط بصفة احتمل الكلام على تلك واستغنى عن ذكر الموصوف كقولك مؤمن خير من كافر وغني أحظى من فقير والمؤمن لا يفعل كذا ولعنة الله على الظالمين: "والمؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء" رواه مسلم وقولهم: وأبيض كالمخراق البيت وقول الآخر: وأسمر خطي لأن الفخر والمدح إنما يتعلق بالصفة دون الموصوف فمضمون هذا الفصل ينقسم خمسة أقسام: نعت لا يجوز حذف منعوته كقولك لقيت سريعا وركبت خفيفا ونعت يجوز حذف منعوته على قبح نحو لقيت ضاحكا ورأيت جاهلا فجوازه لاختصاص الصفة بنوع واحد من الأسماء وقسم يستوي فيه الأمران نحو: أكلت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015