بدائع الفوائد (صفحة 170)

فائدة:

المعنى المفرد لا يكون نعتا ونعني بالمفرد ما دل لفظه على معنى واحد نحو علم وقدرة لأنه لا رابط بينه وبين المنعوت لأنه اسم جنس على حياله فإذا قلت ذو علم وذو قدرة كان الرابط ذو فإذا قلت: عالم وقادر كان الرابط الضمير فكل نعت وإن كان مفردا في لفظه فهو دال على معلومين حامل ومحمول فالحامل هو الاسم المضمر والمحمول هو الصفة وإنما أضمر في الصفة ولم يضمر في المصدر وهو الصفة في الحقيقة لأن هذا الوصف مشتق من الفعل والفعل هو الذي يضمر فيه دون المصدر لأنه إنما صيغ من المصدر ليخبر به عن فاعل فلا بد له مما صيغ لأجله إما ظاهرا وإما مضمرا ولا كذلك المصدر لأنه اسم جنس فحكمه حكم سائر الأجناس ولذلك ينعت الاسم بالفعل لتحمله الضمير فإن قلت: فأيهما هو الأصل في باب النعت قلت: الاسم أصل للفعل في باب النعت والفعل أصل لذلك الاسم في غير باب النعت وإنما قلنا ذلك لأن حكم النعت أن يكون جاريا على المنعوت في إعرابه لأنه هو مع زيادة معنى ولأن الفعل أصله أن يكون له صدر الكلام لعمله في الاسم وحق العامل التقدم لا سيما إن قلنا إن العامل في النعت هو العامل في المنعوت وعلى هذا لا يتصور أن يكون الفعل أصلا في باب النعت لأن عوامل الأسماء لا تعمل في الأفعال فعلى هذا لا ينبغي أن ينعت النعت فتقول: مررت برجل عاقل كريم على أن يكون كريم صفة ل عاقل بل للرجل لأن النعت ينبئ عن الاسم المضمر وعن الصفة والمضمر لا ينعت ولأنه قد صار بمنزلة الجملة من حيث دل على الفعل والفاعل والجملة لا تنعت ولأنه يجري مجرى الفعل في رفع الأسماء والفعل لا ينعت قاله أبو الفتح ابن جني وبعد فلا يمتنع أن ينعت النعت إذا جرى النعت الأول مجرى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015