عَنْ الْمُصْحَفِ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ غَيْر تَسْمِيَةٍ،، وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ لَيْسَ بِتَابِعٍ لِلْمُصْحَفِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لِلْجُنُبِ، وَالْمُحْدِثِ مَسُّ الْمُصْحَفِ بِغِلَافِهِ فَلَا يَدْخُلُ، وَزُفَرُ يَقُولُ: هُوَ تَابِعٌ لِلْمُصْحَفِ فَيَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ، وَلَوْ أَوْصَى بِمِيزَانٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَهُ الْكِفَّتَانِ، وَالْعَمُودُ الَّذِي فِيهِ الْكِفَّتَانِ، وَاللِّسَانِ، وَلَيْسَ لَهُ الطِّرَازْدَانُ، وَالصَّنَجَاتُ (وَأَمَّا) الشَّاهِينُ فَلَهُ الْكِفَّتَانِ، وَالْعَمُودُ، وَلَيْسَ لَهُ الصَّنَجَاتُ، وَالتَّخْتُ.

(وَقَالَ) زُفَرُ: إذَا أَوْصَى بِمِيزَانٍ فَلَهُ الطِّرَازْدَانُ، وَالصَّنَجَاتِ، وَالْكِفَّتَانِ، وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِشَاهِينِ فَلَهُ التَّخْتُ وَالصَّنْجَاتُ (1) فَأَبُو يُوسُفَ مَرَّ عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ الصَّنْجَةَ وَالطِّرَازْدَانَ شَيْئَانِ مُنْفَصِلَانِ فَلَا يَدْخُلَانِ فِي الْوَصِيَّةِ إلَّا بِالتَّسْمِيَةِ،، وَزُفَرُ يَجْعَلُ ذَلِكَ مِنْ تَوَابِعِ الْمِيزَانِ لِمَا أَنَّ الِانْتِفَاعَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْجَمِيعِ فَصَارَ كَتَوَابِعِ السَّرْجِ، وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِالْقَبَّانِ وَالْفرسطون فَلَهُ الْعَمُودُ، وَالْحَدِيدُ، وَالرُّمَّانَةُ، وَالْكِفَّةُ الَّتِي يُوضَعُ فِيهَا الْمَتَاعُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ اسْمَ الْقَبَّانِ يَشْمَلُ هَذِهِ الْجُمْلَةَ فَيُسْتَوَى فِيهَا الِاتِّصَالُ، وَالِانْفِصَالُ، وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِقُبَّةٍ فَلَهُ عِيدَانُ الْقُبَّةِ دُونَ كِسْوَتِهَا؛ لِأَنَّ الْقُبَّةَ اسْمٌ لِلْخَشَبِ لَا لِلثِّيَابِ، وَإِنَّمَا الثِّيَابُ اسْمٌ لِلزِّينَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُقَالُ: كِسْوَةُ الْقُبَّةِ، وَالشَّيْءُ لَا يُضَافُ إلَى نَفْسِهِ هُوَ الْأَصْلُ.

وَكَذَا الْكِسْوَةُ مُنْفَصِلَةٌ مِنْهَا عَلَى أَصْلِ مَنْ يَعْتَبِرُ الِاتِّصَالَ.

وَلَوْ أَوْصَى بِقُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ، وَهِيَ مَا يُقَالُ لَهَا بِالْعَجَمِيَّةِ: خركاه فَلَهُ الْقُبَّةُ مَعَ الْكِسْوَةِ، وَهِيَ اللُّبُودُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَال لَهَا قُبَّةٌ تُرْكِيَّةٌ إلَّا بِلُبُودِهَا، بِخِلَافِ الْقُبَّةِ الْبَلَدِيَّةِ، وَيُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ الْعُرْفُ، وَالْعَادَةُ، وَيَخْتَلِفُ الْجَوَابُ بِاخْتِلَافِ الْعُرْفِ، وَالْعَادَةِ، وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِحَجَلَةٍ فَلَهُ الْكِسْوَةُ دُونَ الْعِيدَانِ؛ لِأَنَّهَا اسْمٌ لِلْكِسْوَةِ فِي الْعُرْفِ.

وَلَوْ أَوْصَى بِسَلَّةِ زَعْفَرَانٍ فَلَهُ الزَّعْفَرَانُ دُونَ السَّلَّةِ هَكَذَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ، وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ مُحَمَّدًا إنَّمَا أَجَابَ فِيهِ عَلَى عَادَةِ زَمَانِهِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَانَ لَا تُبَاعُ السَّلَّةُ مَعَ الزَّعْفَرَانِ بَلْ كَانَتْ تُفْرَدُ عَنْهُ فِي الْبَيْعِ.

وَأَمَّا الْآنَ فِي الْعَادَةِ أَنَّ الزَّعْفَرَانَ يُبَاعُ بِظُرُوفِهِ فَيَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ، وَالتَّعْوِيلُ فِي الْبَابِ عَلَى الْعُرْفِ، وَالْعَادَةِ، وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِهَذَا الْعَسَلِ وَهُوَ فِي زِقٍّ فَلَهُ الْعَسَلُ دُونَ الزِّقِّ.

وَكَذَلِكَ السَّمْنُ، وَالزَّيْتُ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِالْعَسَلِ لَا بِالزِّقِّ، وَالْعَسَلُ يُبَاعُ بِدُونِ ظَرْفِهِ عَادَةً فَلَا يَتْبَعُهُ فِي الْوَصِيَّةِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

وَلَوْ أَوْصَى بِنَصِيبِ ابْنِهِ أَوْ ابْنَتِهِ لِإِنْسَانٍ، فَإِنْ كَانَ لَهُ ابْنٌ أَوْ ابْنَةٌ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ ابْنِهِ أَوْ ابْنَتِهِ ثَابِتٌ بِنَصٍّ قَاطِعٍ فَلَا يَحْتَمِلُ التَّحْوِيلَ إلَى غَيْرِهِ بِالْوَصِيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ابْنٌ، أَوْ ابْنَةٌ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَتَضَمَّنْ تَحْوِيلَ نَصِيبٍ ثَابِتٍ، فَكَانَ وَصِيَّةً بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ أَوْ ابْنَتِهِ، وَلَيْسَ لَهُ ابْنٌ أَوْ ابْنَةٌ، وَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ لِمَا نَذْكُرُ، وَإِنْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ أَوْ ابْنَتِهِ، وَلَهُ ابْنٌ أَوْ ابْنَةٌ جَازَتْ؛ لِأَنَّ مِثْلَ الشَّيْءِ غَيْرُهُ لَا عَيْنُهُ فَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ تَحْوِيلُ نَصِيبٍ ثَابِتٍ إلَى الْمُوصَى لَهُ بَلْ يَبْقَى نَصِيبُهُ، وَيُزَادُ عَلَيْهِ بِمِثْلِهِ فَيُعْطَى الْمُوصَى لَهُ، ثُمَّ إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ تَحْتَاجُ الزِّيَادَةُ إلَى الْإِجَازَةِ.

وَإِنْ كَانَ ثُلُثًا أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ لَا تَحْتَاجُ إلَى الْإِجَازَةِ، حَتَّى لَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ، وَلَهُ ابْنٌ وَاحِدٌ فَلِلْمُوصَى لَهُ نِصْفُ الْمَالِ، وَلِابْنِهِ النِّصْفُ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ لَهُ مِثْلَ نَصِيبِهِ، فَيَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ لِلِابْنِ نَصِيبٌ، وَأَنْ يَكُونَ نَصِيبُ الْمُوصَى لَهُ مِثْلَ نَصِيبِهِ، وَذَلِكَ هُوَ النِّصْفُ فَكَانَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَمَا لَوْ كَانَا ابْنَيْنِ، غَيْرَ أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الثُّلُثِ هَهُنَا تَقِفُ عَلَى إجَازَةِ الِابْنِ إنْ أَجَازَ جَازَتْ الزِّيَادَةُ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَ لَهُ ابْنَانِ فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ لِلْمُوصَى لَهُ مِثْلَ نَصِيبِ ابْنٍ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَا يَكُونُ لَهُ مِثْلُ نَصِيبِ ابْنٍ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا، وَأَنْ يَكُونَ الْمَالُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، وَلَا يَحْتَاجُ هَهُنَا إلَى الْإِجَازَةِ، وَلَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ بِنْتِهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ بِنْتٌ وَاحِدَةٌ فَلِلْمُوصَى لَهُ نِصْفُ الْمَالِ إنْ أَجَازَتْ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ الْبِنْتِ الْوَاحِدَةِ النِّصْفُ، فَكَانَ مِثْلُ نَصِيبِهَا النِّصْفَ، فَكَانَ لَهُ النِّصْفُ إنْ أَجَازَتْ، وَإِلَّا فَالثُّلُثُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ بِنْتَانِ فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُمَا الثُّلُثَانِ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الثُّلُثُ، وَقَدْ جَعَلَ نَصِيبَهُ مِثْلَ نَصِيبِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، وَنَصِيبُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا الثُّلُثُ فَكَانَ نَصِيبُهُ أَيْضًا الثُّلُثَ، وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِنَصِيبِ ابْنٍ لَوْ كَانَ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ، وَلَهُ نِصْفُ الْمَالِ إنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ.

وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنٍ لَوْ كَانَ فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبٍ مُقَدَّرٍ لِابْنٍ مُقَدَّرٍ، وَنَصِيبُ الِابْنِ الْمُقَدَّرِ سَهْمٌ فَمِثْلُ نَصِيبِهِ يَكُونُ سَهْمًا، فَكَانَ هَذَا وَصِيَّةً لَهُ بِسَهْمٍ مِنْ ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ بَنِيهِ وَلَهُ ثَلَاثَةُ بَنِينَ وَأَوْصَى لِرَجُلٍ آخَرَ بِثُلُثِ مَا يَبْقَى مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015