وَالِاحْتِمَالِ.
وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ إلَّا دِرْهَمٍ، أَوْ بِكُرِّ حِنْطَةٍ إلَّا دِرْهَمٌ أَوْ إلَّا مَحْتُومُ شَعِيرٍ جَائِزَ، وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: دَارِي هَذِهِ، أَوْ عَبْدِي هَذَا إلَّا مِائَة دِرْهَمٍ جَازَ عَنْ الثُّلُثِ، وَبَطَلَ عَنْهُ قِيمَةُ مِائَةِ دِرْهَمٍ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلٌ، وَلَقَبُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْمُقَدَّرِ مِنْ الْمُقَدَّرِ فِي الْجِنْسِ، وَخِلَافِ الْجِنْسِ بَعْدَ إنْ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مُقَدَّرًا بَعْدَ إنْ كَانَ مِنْ الْمَكِيلَاتِ، أَوْ الْمَوْزُونَات، أَوْ الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ صَحِيحٌ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَهُ لَا يَصِحُّ إلَّا فِي الْجِنْسِ، وَهِيَ مِنْ مَسَائِلِ كِتَابِ الْإِقْرَارِ.
وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْتُ لِفُلَانٍ مَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ وَالْعِشْرِينَ، أَوْ مَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ إلَى الْعِشْرِينَ، أَوْ مِنْ الْعَشَرَةِ إلَى عِشْرِينَ فَهُوَ سَوَاءٌ، وَلَهُ تِسْعَةَ عَشْرَ دِرْهَمًا.
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: مَا بَيْنَ الْمِائَةِ، وَالْمِائَتَيْنِ، أَوْ مَا بَيْنَ الْمِائَةِ إلَى الْمِائَتَيْنِ، أَوْ مِنْ الْمِائَةِ إلَى الْمِائَتَيْنِ، فَلَهُ مِائَةٌ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ دِرْهَمًا، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَهُمَا لَهُ فِي الْأَوَّلِ عِشْرُونَ، وَفِي الثَّانِي مِائَتَانِ، وَعِنْدَ زُفَرَ لَهُ ثَمَانِيَةَ عَشْرَ فِي الْأَوَّلِ، وَمِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَتِسْعُونَ فِي الثَّانِي، وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْغَايَتَيْنِ يَدْخُلَانِ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَدْخُلَانِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ - تَدْخُلُ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ،، وَالْمَسْأَلَةُ مَرَّتْ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ.
وَلَوْ أَوْصَى لِفُلَانٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فِي عَشَرَةٍ وَنَوَى الضَّرْبَ وَالْحِسَابَ فَلَهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ، وَعِنْدَ زُفَرَ لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ،، وَقَدْ ذَكَرْنَا الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ، وَبِمِثْلِهِ لَوْ أَوْصَى لِفُلَانٍ بِعَشَرَةِ أَذْرُعٍ فِي عَشَرَةِ أَذْرُعٍ مِنْ دَارِهِ فَلَهُ مِائَةُ ذِرَاعٍ مُكَسَّرَةٍ.
(وَوَجْهُ) الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى أَصْلِ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ أَنَّ الضَّرْبَ يُرَادُ بِهِ تَكْسِيرُ الْأَجْزَاءِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْمِسَاحَةَ فِي الطُّولِ، وَالْعَرْضِ، وَذَلِكَ يُوجَدُ فِي الدَّارِ، وَالدَّرَاهِمُ مَوْزُونَةٌ، وَلَيْسَ لَهَا طُولٌ، وَلَا عَرْضٌ، فَلَا يُرَادُ بِالضَّرْبِ فِيهَا تَكْسِيرُ أَجْزَائِهَا، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: الْمُكَسَّرَةُ، أَيْ: الْمُكَسَّرَةُ فِي الْمِسَاحَةِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ طُولُهَا عَشَرَةَ أَذْرُعٍ، وَعَرْضُهَا عَشَرَةً.
وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِثَوْبٍ سَبْعَةٌ فِي أَرْبَعَةٍ فَلَهُ كَمَا قَالَ، وَهُوَ ثَوْبٌ طُولُهُ سَبْعَةُ أَذْرُعٍ، وَعَرْضُهُ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ؛ لِأَنَّ مَفْهُومَ هَذَا اللَّفْظِ فِي الثَّوْبِ هَذَا فَيَنْصَرِفُ اللَّفْظُ إلَيْهِ.
وَلَوْ قَالَ: عَبْدَيَّ هَذَا وَهَذَا لِفُلَانٍ وَصِيَّةً وَهُمَا يُخْرَجَانِ مِنْ الثُّلُثِ كَانَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يُعْطُوهُ أَيَّهُمَا شَاءُوا؛ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْوَارِثَ يَقُومُ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ فِي جَهَالَةٍ يُمْكِنُ إزَالَتُهَا، وَلَوْ كَانَ الْمُوَرِّثُ حَيًّا كَانَ الْبَيَانُ إلَيْهِ فَإِذَا مَاتَ قَامَ الْوَارِثُ مَقَامَهُ، وَالْفِقْهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْوَرَثَةُ تَقُومُ مَقَامَهُ فِي التَّمْلِيكِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: عَبْدِي هَذَا، أَوْ هَذَا حُرٌّ أَنَّ الْبَيَانَ إلَيْهِ لَا إلَى الْوَرَثَةِ، وَيَنْقَسِمُ الْعِتْقُ عَلَيْهِمَا؛؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِتَمْلِيكٍ بَلْ هُوَ إتْلَافُ الْمِلْكِ، وَقَدْ انْقَسَمَ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا إذْ لَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَلَا يَحْتَمِلُ الْبَيَانَ مِنْ جِهَةِ الْوَارِثِ.
وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِحِنْطَةٍ فِي جَوَالِقَ فَلَهُ الْحِنْطَةُ دُونَ الْجَوَالِقِ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى بِهِ الْحِنْطَةُ دُونَ الْجَوَالِقِ، وَالْجَوَالِقُ لَيْسَ مِنْ تَوَابِعِ الْحِنْطَةِ أَلَا يَرَى لَوْ بَاعَ الْحِنْطَةَ فِي الْجَوَالِقِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْجَوَالِقُ، وَبَيْعُ الْحِنْطَةِ مَعَ الْجَوَالِقِ لَيْسَ بِمُعْتَادٍ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ، وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِهَذَا الْجِرَابِ الْهَرَوِيِّ فَلَهُ الْجِرَابُ، وَمَا فِيهِ؛ لِأَنَّ الْجِرَابَ يُعَدُّ تَابِعًا لِمَا فِيهِ عَادَةً حَتَّى يَدْخُلَ فِي الْبَيْعِ فَكَذَا فِي الْوَصِيَّةِ.
وَكَذَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِهَذَا الدَّنِّ مِنْ الْخَلِّ فَلَهُ الدَّنُّ، وَالْخَلُّ.
وَكَذَا لَوْ أَوْصَى بِقَوْصَرَّةِ تَمْرٍ فَلَهُ الْقَوْصَرَّةُ، وَمَا فِيهَا؛ لِأَنَّ الدَّنَّ يُعَدُّ تَابِعًا لِلْخَلِّ، وَالْقَوْصَرَّةُ لِلتَّمْرِ، وَلِهَذَا يَدْخُلُ ذَلِكَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ كَذَا فِي الْوَصِيَّةِ، وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِالسَّيْفِ فَلَهُ السَّيْفُ بِجَفْنِهِ، وَحَمَائِلِهِ (وَقَالَ) أَبُو يُوسُفَ: لَهُ النَّصْلُ دُونَ الْجَفْنِ، وَالْحَمَائِلِ، فَأَصْلُ أَبِي يُوسُفَ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ الِاتِّصَالُ، وَالِانْفِصَالُ فَمَا كَانَ مُتَّصِلًا بِهِ يَدْخُلُ، وَمَا كَانَ مُنْفَصِلًا عَنْهُ لَا يَدْخُلُ، وَالْجَفْنُ، وَالْحَمَائِلُ مُنْفَصِلَانِ عَنْ السَّيْفِ فَلَا يَدْخُلَانِ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ بِهِ.
وَلِهَذَا لَوْ أَوْصَى بِدَارٍ لَا يَدْخُلُ مَا فِيهَا مِنْ الْمَتَاعِ كَذَا هَذَا، وَالْمُعْتَبَرُ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ التَّبَعِيَّةُ، وَالْأَصَالَةُ فِي الْعُرْفِ، وَالْعَادَةِ، وَالْجَفْنُ، وَالْحَمَائِلُ يُعَدَّانِ تَابِعَانِ لِلسَّيْفِ عُرْفًا، وَعَادَةً.
أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا يَدْخُلَانِ فِي الْبَيْعِ كَذَا فِي الْوَصِيَّةِ، وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِسَرْجٍ فَلَهُ السَّرْجُ، وَتَوَابِعُهُ مِنْ اللِّبَدِ، وَالرِّفَادَةِ، وَالطَّفْرِ، وَالرِّكَابَات، وَاللَّبَبِ فِي ظَاهِر الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِالسَّرْجِ إلَّا بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَكَانَتْ مِنْ تَوَابِعِهِ فَتَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَهُ الدَّفَّتَانِ، وَالرِّكَابَانِ، وَاللَّبَبُ، وَلَا يَكُونُ لَهُ اللِّبَدُ، وَلَا الرِّفَادَةُ، وَلَا الطَّفْرُ؛ لِأَنَّهَا مُنْفَصِلَةٌ عَنْ السَّرْجِ، وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِمُصْحَفٍ، وَلَهُ غِلَافٌ فَلَهُ الْمُصْحَفُ دُونَ الْغِلَافِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - كَذَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ.
وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَهُ الْمُصْحَفُ، وَالْغِلَافُ أَمَّا عَلَى أَصْلِ أَبِي يُوسُفَ؛ فَلِأَنَّ الْغِلَافَ مُنْفَصِلٌ