ولعل من هذا "الركام اللغوي" كذلك، ما وصل إلينا من نصب الجزأين بعد "ليت" في مثل قول عبد الله بن مسلم الهذلي:

لكنه شاقه أن قيل ذا رجب ... يا ليت عدة دهري كله رجبا1

وقول العجاج:

يا ليت أيام الصبا رواجعا2

وقول الشاعر:

ألا يا ليتني حجرا بوادٍ ... أقام وليت أمي لم تلدني3

ومن ذلك أيضا قولهم في الأمثال: "ليت القسي كلها أرجلا"4. ويقال إن نصب "ليت" للجزأين لغة لبني تميم5. ويقول ابن سلام: "وهي لغة لهم. سمعت أبا عون الحرماني يقول: ليت أباك منطلقا، وليت زيدا قاعدا"6.

ولعل السرفي نصب الجزأين على هذا النحو، أن "ليت" أصلها: "رأيت"7، بدليل بقاء هذا الأصل، بعد تخفيف الهمز، في اللهجات العامية، إذ يقال في مصر مثلا: "يا ريتني غني! ". وقد قلبت راؤها لاما منذ زمن بعيد في الفصحى، وحمل التمني في معناها، على الترجي في "لعل"،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015