والتعليل الصوتي لكل هذه الانقلابات، سهل ويسير، فتأثير "قانون الأصوات الحنكية1" واضح في انقلاب القاف إلى نطق مزجي، في بعض بلدان الخليج "كالجيم الفصيحة"، وفي الرياض وضواحيها "دز". والدليل على ذلك أن القاف لا تعاني من هذا القلب إلا إذا وليتها كسرة، تماما كما يتطلب هذا القانون2.
كما أن ضياع الانفجار من القاف، وتزحزح مخرجها إلى الأمام قليلا، هو المسئول عن انقلابها غينها في نطق أهالي السودان وجنوبي العراق. وكذلك انقلابها كافا في نطق الفلسطينيين، ليس إلا تزحزحا في مخرجها قليلا إلى الأمام، مع ترقيقها، واحتفاظها بصفة الشدة في نطقها.
هذه هي بعض التغييرات التاريخية لصوت القاف في اللهجات العربية المعاصرة، والتعليل الصوتي لحدوثها، غير أن ما يهمنا هنا هو انقلاب القاف همزة في لهجة القاهرة، وبعض اللهجات الأخرى. ويبدو أن هذا النوع من التطور في القاف، قديم في اللغات السامية، فقد نقل "بروكلمان"3 عن "ليتمان"4 أن القاف تحولت في أعلام "الفينيقية" في بعض الأحيان إلى همزة، ثم سقطت، كما سقطت الهمزات الأصلية في الفينيقية، فمثلا: العلم الفينيقي: "Himalkart" "حملقرت" تحول إلى: Himalar " "حملر".