رَبُّكَ فَتَرْضَى} ليس معناه تأخر الإعطاء عاما أو عامين، بل إن الحقيقة أن "سوف" أقدم من "السين" وأن "السين" جزء مقتطع منها، فمن الحقائق المقررة عند المحدثين من علماء اللغة أن كثرة الاستعمال تبلي الألفاظ1، وتجعلها عرضة لقص أطرافها، تماما كما تبلى العملات المعدنية والورقية، التي تتبادلها أيدي البشر. وهذا هو ما حدث لسوف، التي توجد في صورتها القديمة في الآرامية، وقد روى لنا اللغويون العرب صورا عدة من صور البلي اللفظي في هذه الكلمة، فقد ذكروا أن العرب يقولون: "سَوْ يكون، وسَفْ يكون، وسَايكون، وسَيَكون". وعندما جاء القرآن الكريم، سجل لنا إحدى صور التطور في "سوف"، مع الأصل الذي كان لا يزال يعيش معه جنبا إلى جنب، وروى لنا اللغويون العرب، صور التطور الأخرى، التي لم يكتب لها ما كتب لغيرها من الخلود، حين تبنتها الفصحى، ولغة القرآن الكريم.