كما يرى "ابن الأثير" أن "اقتدر" أقوى في الدلالة على القدرة من: "قدر" المجردة، وأن الإنسان يحس في قوله تعالى مثلا: {فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ} بالدلالة على تفخيم الأمر، وشدة الأخذ، الذي لا يصدر إلا عن قوة الغضب.
وإذا صدق هذا على بعض الأمثلة في اللغة، فإنه لا يصح أن يغيب عن بالنا، أنه ليس ثمة بين الاصطلاح اللغوي، والشيء الذي وضع له هذا الاصطلاح أية علاقة طبيعية، وإنما هي علاقة تقاليد، كما يقول: "أنطوان مييه"1. وهذا معناه عدم الارتباط الطبيعي بين الاسم والمسمى، فالضمائر: أنا وأنت وهو مثلا، ليس فيها شيء يدل بذاته على أحد الأشخاص، وإنما يستعمل لأنه في جماعة بشرية معينة، جرت التقاليد بأن تستعمل تلك الصيغ، ومن ثم نرى أكثر علماء اللغة دربة، عاجزا كغيره من الناس، أمام خطبة أو نص مكتوب في لغة مجهولة جهلا تاما.
ولذلك يجب ألا ننساق وراء الفكرة التي تقول بأن "زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى"، ونعممها على كل مثال وجدت فيه هذه الظاهرة، فقد تكون هناك مثلا كلمتان تدلان على معنى معين، غير أن إحداهما مقتطعة في الأصل من الأخرى، وليست الثانية مزيدة منها، كما توهم علماء البصرة ذلك في "السين" و"سوف"، فقالوا إن "سوف" تدل على الاستقبال البعيد، و"السين" تدل على الاستقبال القريب. وليس في نصوص اللغة ما يشهد لتكلفهم هذا، فقوله تعالى مثلا: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} ليس معناه تحقق هذه الكفاية في الغد، كما أن قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ