السياسي والاجتماعي والاقتصادي. وأن هناك أجزاء كثيرة لابد منها ليكمل البناء، فلا بد من عقائد وأحكام وأخلاق نؤمن بها ونلتزم بها حتى نبني أنفسنا وأسرنا وقبائلنا وشعوبنا ودولنا، فالديمقراطية لا تشفى كل الأمراض، ولا تبني كل الأجزاء، فما الفائدة من الديمقراطية إذا كان الشعب بلا أخلاق فاضلة؟ وما الفائدة منها إذا تناقش الضائعون والحمقى والمغرورون؟ وما الفائدة منها إذا كنا نتعصب عرقيا أو طبقيا؟ ........ الخ ومن الخطأ تجاهل كل هذه القضايا الهامة والاعتقاد أن الديمقراطية ستحل كل مشاكلنا، ونقول للعلمانيين تعمقوا في فهم ما ترددونه من شعارات وأهداف عامة، ولا تحملوها أكبر مما تحتمل فالزائد أخو الناقص!!. [العلمانية والرد عليها 20/ 151]-العلمانية في ميزان العقل -عيد الدويهيس

--------------

وقال: د. غالب بن علي عواجي:

"أثمرت الدعوة إلى الوطنية ثمارًا خبيثة, وبرزت العصبية البغيضة, وانتزعت الرحمة بين الناس وحل محلها الفخر والخيلاء والكبرياء؛ حيث تعصَّب كل شعب لوطنه واحتقر ما عداه في صور مخزية مفرقة, ومن أقوى الأمثلة على ذلك ما حصل عند الأتراك -بفعل دسائس اليهود ضد الدولة الإسلامية العثمانية-حيث نفخوا في أذهان الوطنيين الأتراك وجوب العودة إلى الافتخار بوطنيتهم الطورانية التي كانت موجودة قبل الإسلام, والعودة إلى تقديس شعار الذئب الأغبر معبودهم قبل الإسلام ونفخوا في الوقت نفسه في أذهان العرب والوطنيين الحنين إلى الاعتزاز بالوطنية العربية وتقديمها على كل شيء, بل جعلها إلها كما قال تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاه} 1 وقد عبَّر شاعرهم عن ذلك بقوله:

هبوني عيدًا يجعل العرب أمَّة ... وسيروا بجثماني على دين برهم

فماذا ينتظر من الوطنيين حينما تكون الكلمة لهم؟ غير جعل الوطنية هي الدين، وهل حقَّق هؤلاء السفهاء الأشرار كلامهم في حب الوطنية العربية؟ وماذا فعلوا ضد اليهود في فلسطين وفي غير فلسطين؟ ماذا قدَّموا غير الصراخ والعويل والنباح والتهديدات الجوفاء لتحرير القدس والأمة العربية؟ يرددون كلامًا ممجوجًا مكررًا وشعارات أصبحت مهازل يستحي منها العقلاء على أنَّه لم يقتصر الضرر فقط على ما تقدَّم, وإنما كانت وراء خدعة الوطنية أغراضًا سياسية وثقافية واجتماعية؛ حيث بدت الدعوة للوطن تفرق بين الولاء لله تعالى وبين والولاء لغيره تحت شعار "الدين لله والوطن للجميع", وبالغوا في وجوب حب الوطن وأنه مشاع بين جميع المواطنين حتى السياسية منها, ومن هنا تَمَّت اللعبة على كثير من بلدان المسلمين؛ حيث أصبح المواطن النصراني أو اليهودي أو العلماني أو الشيوعي حتى وإن لم يكن من أهل ذلك البلد في الأساس فإنَّ من حقِّه كمواطن أن يصل إلى أعلى الرتب التي يتمكَّن من خلالها من التحكم في مصائر أهل تلك الشعوب الإسلامية, وهو ما هدف إليه أعداء الإسلام من دعمهم السخي لأولئك الأقليات في تلك البلدان الذين هم في الأساس عملاء لتلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015