وأنتم كمن ينعق بها، فتأويل الكلام مثل الذين كفروا ومثلكم (?) أو مثلكم ومثل الذين كفروا كمثل الناعق بما لا يسمع إلَّا دعاءً ونداءً فاختصر وحذف كقول النابغة الذيباني:
كأنك من جِمال بني أُقَيش ... يقعقَع خلف رجليه بشَن (?)
فقال خلف رجليه ولم يذكر أوّلًا ما ترجع الهاء إليه ولكنه دلّ عليه بقوله [من جمال بني أُقيش] فكأنه قال كأنك جمل.
ومثله في الحذف والاختصار "ما من أيّام أحبّ إلى الله تعالى فيها الصوم من عشر ذي الحِجّة (?) " وما رأيت رجلًا أحسن في عينه الكحل منه [في عين زيد] وما رأيت رجلًا أحبّ إليه الشرّ منه إلى زيد. وقال الشاعر (?):
مررتُ على وادي السِباع ولا أرَى ... كوادي السباع حين يُظلم واديًا
أقلَّ به ركبٌ أتَوْه تَئِيَّةً ... وأخوَفَ إلَّا ما وَقَى الله ساريا
يريد أقلَّ ركب أتوه تئيةً منهم به ولكن اختصر وحذف.
ومما جاء في القرآن من المختصرات قوله تعالى (4: 159) {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ} أي أحد وكذلك (2: 234) {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} والمعنى أزواجهم يتربصن بأنفسهن فهذا كثير منه قول الشاعر (?):
وما الدهر إلَّا تارتان فمنهما ... أموت وأخرى ابتغى العيش أكْدَحُ (?)