وقال:

يرجون منك إذا ما الغيث أخلفهم ... سَجْلا وتُمْطِرهم من كفّك الدِيَمُ

[و] هذا كثير في كلامهم كما جاء في ذكر الغيث (50: 9) {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ} الآية. فلم يكن الإنزال مخصوصًا به الغيث دون غيره ولكن يكون له كما يكون لغيره. ألا تراه تعالى لمّا ذكر العذاب فأجراه فيه فقال (2: 56) {فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ} فهذا ما ذكرنا أن لفظه مشترك فيه معنيان يختص (?) به أحدهما في الموضع. وقوله تعالى عند ذكر السحاب الغيث (كذا) (15: 22) {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} وقال (30: 48) {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا} وقال عند ذكر العذاب (69: 6) {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ}. وقال (3: 117) {كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ} الآية. وقال (30: 50) {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا} و (51: 41) [{وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} فليس هذا من (?) قوله تعالى (15: 23) {وَجَرَينَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ} هذا الذي ذكرنا مما هو للغيث أو العذاب. ولأهل العناية (?) فيه قولان: قال بعضهم: لا تلقح السحاب بريح واحدة ولكن تبدأ ريح وتقابلها أخرى وكذا إن جرت ثلاث من الرياح كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول إذا هبّت الريح: "اللهم اجعلها رياحًا ولا تجعلها ريحًا" (?). وقال هؤلاء قوله الرياح لريحين فأكثر كقوله (4: 11) {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ} يعني أخوين فصاعدا وكقوله (38: 20) {تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ} ثم أبان عن العدد بقوله {إِنَّ هَذَا أَخِي} وهذا كقول الإنسان إذا كان معه آخر: نحن جعلنا كما يقول إذا كانوا جماعة واحتجوا بقول جميل (?):

سبيحان (كذا) مرفضّا من الماء صاديا ... إذا ما نسيم من نداها عراهما

إذا ما الصبا حارتهما سرباتها (كذا) ... ودانى دُنوّا وارجحنّتْ رحاهما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015