حذفوا إحداهما وشددوا الباقي طلبًا للتخفيف. قال ومنه قول الشاعر (?):
قبيلي وأهلي لهم ألاق مشوقهم ... لوشك النوى إلا فواقا كلا ولا
قال (?) وربما تركوه على خفته ولم يثقلوه. وذلك يقول ذي الرمة (?):
أصاب خصاصة فبدا كليلا ... كلا وانغلّ سائره انغلالا
ومنه قول جرير (?):
يكون وقوف الركب فيها كلا ولا ... غشاشًا ولا يدنون رحلًا إلى رحل
قلنا (?) هذا كلام مدخول من جهتين: إحداهما أنه غير محفوظ عن القدماء من أهل العلم بالعربية. والثانية أنه مما لا يتأيد بدليل. والأمرين (كذا) كلا مشددة وكذا مخففة مبين جدًّا (?) وذلك أن قول القائل هذا شيء كلا، إنما هو تشبيه الشيء -وحقارته وقلته وأنه لا محصول له- بلا، وذلك أن لا كلمة نفي. وأما كلا فكلمة مشددة بعيدة التشبيه بلا، واعتبار ما قلناه، أنك لو حملت قوله تعالى [المدثر 35]: {كَلَّا وَالْقَمَرِ} على معنى أنه كلا ولا القمر لكنْتَ عند أهل العربية كلهم مخطئًا لأن كلا ولا ليس بموافق لقوله والقمر. فإن قال قائل فما الأصل فيها؟ قلنا: إن كلا كلمة موضوعة للمعاني التي قد ذكرناها مبنية هذا البناء، وهي مثل إن ولعل وكيف. وكل واحدة من هذه مبني بنا [ءً] يدل على معنى. فكذا كلا كلمة مبنية بناء يدل على المعاني التي نذكرها. وهذا قول قريب لا استكراه فيه.
اعلم أنك إذا أردت رد الكلام بكلا جاز لك الوقف عليها لأن المعنى قد تم عند