وهذه الأسباب قد يكون تأثيرها في إحداث الغلو ابتداء، وقد يكون تأثيرها في إمداده واستمراره ونشر مظاهره.
ولقد اجتهدت في دراسة أسباب الغلو العلمية والمنهجية عند الخوارج عبر عدة وسائل أهمها:
1 - قراءة آراء الخوارج العقدية، ومحاولة استنتاج الأسباب التي دفعتهم إلى غلوهم، والمداخل المنهجية التي أدت بهم إلى الغلو.
2 - دراسة تاريخ الخوارج، وذلك بتتبع أحوالهم منذ بداية التكوين ثم دراسة تطور عقائدهم، وتتبع حالات المد والجزر في تاريخهم، ومعرفة التحولات والافتراق في تاريخهم؛ إذ من شأن تلك الدراسة أن توقف على الأسباب والمواقف الدافعة للغلو.
3 - قراءة المؤلفات التي درست الخوارج: تاريخا ومعتقدا؛ لمعرفة أسباب غلو الخوارج من وجهة نظر أصحاب تلك المؤلفات، وتلك الاستفادة لا تعني أن ذكر الأسباب نابع من رأي الآخرين، بل هو جهد شخصي ناتج عن تتبع واستقراء، وإنما وقع الاستئناس بآراء الآخرين وتحليلاتهم فهي مؤكدة، لا مؤسسة.
وليس المراد هنا حصر الأسباب إذ الإحاطة الشاملة بجميع الأسباب غير ممكنة إذ طرق الشر والانحراف غير منحصرة في الأصل، قال أبو بكر الطرطوشي - رحمه الله -: (والخطأ لا تنحصر سبله، ولا تتحصل طرقه، فاخط كيف شئت، وإنما الذي تنحصر مداركه وتنضبط مآخذه فهو الحق؛ لأنه أمر واحد مقصود يمكن إعمال الفكر والخواطر في استخراجه،