والغلو في الدين "، ومن سواهم واقع ولا بد في التطرف أو الغلو، ولبيان هذا نقول أيضا:
إن من حقائق دعوات الرسل عليهم السلام أنها قامت على الحق والاستقامة عليه، ولهذا نهى الله تبارك وتعالى أهل الكتاب عن الغلو في دينهم غير الحق، فقال سبحانه: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ} [المائدة: 77] وقال سبحانه: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} [النساء: 171] أي: لا تفتروا على الله ما لم يأمركم به.
ينهى الله تعالى أهل الكتاب عن الغلو في دينهم لئلا يفتروا على الله ما لم ينزل به سلطانا، فإن اليهود غلوا في دينهم، والنصارى غلوا في دينهم، وافتروا على الله تعالى في زعمهم البهتان في " عيسى ابن مريم عليه السلام " حين اتخذوه إلها، وأنه ابن الإله - تعالى الله عما يقوله الكافرون علوا كبيرا - بل قد غلوا في حواريه، وغلوا في أحبارهم ورهبانهم، فادعوا فيهم العصمة، فاتبعوهم في كل ما قالوه حقا كان أم باطلا، ضلالا كان أم هدى، ولهذا قال الله تعالى فيهم: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: 31]
ولهذا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته عن الغلو في الدين فقال: «إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالْغُلُوِّ فِي الدِّينِ» [الأحاديث الصحيحة برقم 1283] .