وقد تتابعت كلمة المفسرين في أن وصف الأمة بالوسط، يراد به كونهم عدولا خيارا، ويدل عليه الأمور التالية:
1 - أن الله سبحانه وتعالى وصف هذه الأمة في موضع آخر بالخيرية، فقال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} [آل عمران: 110] (آل عمران: 110) (?) .
2 - أن هذا التفسير جاء فيه حديث صحيح مرفوع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أبي سعيد الخدري قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُجَاءُ بِنُوحٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ بَلَّغْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ يَا رَبِّ. فَتُسْأَلُ أُمَّتُهُ: هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: مَا جَاءَنَا مِنْ نَذِيرٍ. فَيَقُولُ: مَنْ شُهُودُكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ، فَيُجَاءُ بِكُمْ فَتَشْهَدُونَ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143] قال: عدلا {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143] » (?) .
3 - أن هذا التفسير هو الذي يطابق السياق، فإن الله تعالى يقول: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: 143] فالمناسب لكونهم شهداء على الناس أن يثبت لهم وصف الخيرية والعدالة.
فأمة الإسلام جعلت أمة وسطا: عدلا خيارا؛ والعدل الخيار يتضمن الدلالة على كونهم بين الإفراط والتفريط.