التعامل مع واقع الدولة
في إطار سماحة الإسلام لئن كان واقع الفرد معتبرا في الشريعة الإسلامية فإن واقع الدولة المسلمة أشد اعتبارا بحكم أن حرية الفرد - في الغالب - وبالذات في أوقات الاستضعاف أوسع من حرية الدولة أمام الضغوطات المحيطة بها والمطالب المناطة بها.
وعموما فما ذكرناه عن منهج الشريعة الإسلامية العام في توجهها لتحقيق المصالح ودرء المفاسد لا تخرج منه الدولة، ولأن واقع الدولة الذي تتحرك فيه واقع مادي دنيوي في عمومه، ثم إنه واقع تقف فيه الدولة الإسلامية إزاء دول أخرى غير إسلامية، خلافا لواقع الفرد - الإنسان - الذي تتشكل كينونته من عناصر ذات ثبات متمثلة بالنزعات الفطرية الروحية والمادية التي إن تغيرت بعض الصور المادية التي تتمثل بها فإنها في أساسها باقية ثابتة - لذلك - جاءت الشريعة الإسلامية فيما يتعلق بالدولة بعناصر عامة كالبيعة، والحكم بما أنزل الله، والشورى. . تاركة التطبيقات التفصيلية لإنشاءات المسلمين عبر اجتهاداتهم لتوليد صور مواكبة للسقف الحضاري الذي يعيشونه، ومحقق للمصالح الشرعية سواء ابتدعوها هم بأنفسهم وبتجارب تحولاتهم الذاتية، أو استفادوها من تجارب الأمم الأخرى من حولهم.