ثالثاً: أن حديث جابر ـ رضي الله عنه ـ في قصة الرجل الذي قطع براجمه واضح في الدلالة على عدم اعتبار المصلحة الحاجية بقطع شيء من الجسد، وأن ذلك يوجب نوعاً من العقوبة في الآخرة، ومن ثم فإنه لا يجوز الإقدام على قطع شيء من جثة المسلم طلباً لدفع الحاجة المتعلقة بالغير، لأنه إذا لم يجز ذلك للشخص نفسه فمن باب أولى ألا يجوز لغيره.
... وأما الكافر فإنه لا يدخل ضمنه لأن تعذيبه في الآخرة مقصود شرعاً فمن ثم جاز أخذ شيء من جثته لسد حاجة المسلم.
رابعاً: أن الأصل يقتضي حرمة المساس بجسد المسلم بالجرح والقطع حياً أو ميتاً فوجب عليه البقاء عليه حتى يوجد الدليل الموجب للعدول والاستثناء منه.
خامساً: أن أدلة القائلين بالمنع لم تسلم من ورود القوادح عليها، وإن سلمت فإن جلها يتعلق بالمسلم، وأما الكافر فإنه يمكن نقل العضو منه إعمالاً للدليل المخالف وبهذا يمكن الجمع بين الأدلة والله تعالى أعلم.
وقد أصدر مجلس مجمع الفقه الإسلامي في دورة مؤتمر الرابع بجدة لعام 1408 هـ قراراً ومما جاء فيه: بعد حصر هذا الموضوع في النقاط التي يتحرر فيها محل البحث وتنضبط تقسيماته وصوره وحالاته التي يختلف الحكم تبعاً لها قرر ما يلي: ـ
من حيث التعريف والتقسيم:
أولاً: يقصد هنا بالعضو أي جزء من الإنسان، من أنسجة وخلايا ودماء ونحوها كقرنية العين سواء أكان متصلاً به أم انفصل عنه.
ثانياً: الانتفاع الذي هو محل البحث هو استفادة دعت إليها ضروة المستفيد لاستبقاء أصل الحياة أو المحافظة على وظيفة أساسية من وظائف الجسم كالبصر ونحوه. على أن يكون المستفيد يتمتع بحياة محترمة شرعاً.
ثالثاً: تنقسم صور الإنتفاع هذه إلى الأقسام التالية:
1 ـ نقل العضو من حي.
2 ـ نقل العضو من ميت.
3 ـ النقل من الأجنة.
الصورة الأولى: وهي نقل العضو من حي، تشمل الحالات التالية: