ثم إن أكل الآدمي ظلم ولم يفعله الصحابة.

وأما ما نُقل عن الكاساني فقد ورد عنه ما يخالفه فقد قال في بدائع الصنائع (ج 7 ص 236) : وأما النوع الذي لا يباح ولا يرخص بالإكراه أصلاً فهو قتل المسلم بغير حق لأن قتل المسلم بغير حق لا يحتمل الإباحة بحال..وكذا قطع عضوٍ من أعضائه..لأن هذا مما لا يباح بالإباحة ولو فعل فهو آثم، ألا ترى أنه لو فعل بنفسه أثم فبغيره أولى. وقال في تبيين الحقائق: إن حرمة العضو كحرمة النفس.

وقال القرافي: وقد يوجد حق الله تعالى وهو ما ليس للعبد إسقاطه ويكون معه حق العبد كتحريمه تعالى لعقود الربا والغرر والجهالات فإن الله تعالى إنما حرمها صوناً لمال العبد عليه..ولو رضي العبد بإسقاط حقه في ذلك لم يؤثر رضاه.

الترجيح

الراجح هو: القول بجواز نقل الأعضاء الآدمية من الحي والميت، ولكن بشرط أن يكون الشخص المنقول منه العضو كافراً، وذلك لما يلي:

أولاً: لصحة ما ذكره القائلون بجواز النقل من وجود الحاجة التي بلغت مقام الضرورة، وما في حكمها، وهذا المقام شهدت نصوص الشرع وقواعده باعتباره مستثنى من التحريم، ولكن بقدر ما تندفع به تلك الضرورة والحاجة.

واعتبار هذه النصوص والقواعد الفقهية محل إجماع بين أهل العلم ـ رحمهم الله ـ فكم استثنوا بها من المحرمات المتعلقة بالعبادات والمعاملات.

ثانياً: أن هذه الضرورة يمكن دفعها بالكفار، وأما حالات الفشل الكلوي فإنها تعالج بالغسيل كما هو معروف، وبوجود هذين البديلين تضعف الحاجة والضرورة عن بلوغ المقام الذي يوجب التوسع إلى المسلمين سواء كانوا أحياء أو ميتين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015