ومن المؤيدات لرفع الأجهزة عن المريض الميئوس من شفائه لوضعها على من تدرك حياته ما يأتي.
أولاً: عملاً بقاعدة " إذا تعارض مفسدتان روعي أعظمهما ضرراً بارتكاب أخفهما (?) " فإذا نظرنا إلى تعارض المصالح والمفاسد فيكون من يرجى شفاؤه أولى باستخدام الأجهزة الطبية.
ويجاب بأن ذلك معارض بقاعدة " درء المفاسد مقدم على جلب المصالح " ومعارض كذلك بأن الأول أسبق باستخدام هذه الأجهزة فهو أولى بغض النظر عن حالة الآخر، ولعل تعارض المصالح والمفاسد وارتكاب أخفهما إذا لم يكن هناك أقدمية أما وقد وجدت فلا تعارض.
ثانياً: أننا مخيرون لتساوي المصالح قال العز بن عبد السلام: " إذا تساوت المصالح مع تعذر الجمع تخيرنا في التقديم والتأخير بين المتساوين ولذلك أمثلة: أحدها إذا رأينا صائلاً يصول على نفسين من المسلمين متساويين وعجزنا عن الدفع عنهما فإنا نتخير (?) ".
والجواب أن هذا صحيح فيما لو تساوت المصالح مع تعذر الجمع لكنها في مسألتنا غير متساوية والجمع متعذر.
ثالثاً: أن الترجيح لا بد منه ما دام الجمع غير ممكن، ومصلحة الثاني أعظم فتقدم لأنها تتمثل في إنقاذ حياته بإذن الله بينما مصلحة الأول لا تتجاوز حال ميئوسٍ منه فالإبقاء على تلك الحياة إبقاءٌ لحياةٍ شبيهةٍ بالموت. قال الشوكاني: " ومن شروط الترجيح التي لا بد من اعتبارها أن لا يمكن الجمع بين المتعارضين بوجه مقبول فإن أمكن ذلك تعين المصير إليه ولم يجز المصير إلى الترجيح (3) ".
... وهنا في مسألتنا يترجح لنا إنقاذ من يمكن إنقاذه إذ ترك الأجهزة على الأول الميئوس من شفائه محاولة لإنقاذ من لا يمكن إنقاذه على حساب من يمكن إنقاذه.