الأعيان المغصوبة، لا في النقود، حتى لو اتجر بالنقود المغصوبة وربح فيها، فالربح لا يقضى به للمغصوب منه في أصح القولين عند الشافعية.
وهذا في الربح الذي تحقق فعلا، فما بالك في الربح المتوقع فقط؟
ومن أجل هذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في المدين المماطل: لي الواجد يحل عقوبته وعرضه " ولم يقل (يحل ماله) ولا يوجد في الفقهاء المحدثين من فسر العقوبة هنا بعقوبة مالية، على اختلاف بينهم في جواز التعزير بالمال، ولو فسرها أحد بذلك، فإن العقوبة إنما يحكم بها الحاكم لا الدائن نفسه، فكيف تنطبق هذه العقوبة على التعويض الذي يطالب به الدائن نفسه بدون حكم أي حاكم؟ ولو فوض تنفيذ العقوبات الشرعية إلى آحاد الناس بدون حكم الحاكم، لأدى ذلك في فوضوية لا يقبلها شرع ولا عقل.
هذا ما أراه بالنسبة لأصل فكرة التعويض من الناحية النظرية. أما من الناحية العملية، فإن الفوارق الأربعة التي ذكرناها بين الفوائد الربوية وبين التعويض، فإنها - بالنظر إلى تطبيقها العملي - فوارق نظرية محضة، لا تخرج إلى حيز التطبيق العملي إلا في أحوال نادرة لا تصلح أن يدار عليها الأحكام.
أما الفرق الأول، وهو أن التعويض لا يطالب به من قصر في الأداء من أجل الإعسار، فإن إعسار المدين ويساره من الأمور التي يتعذر على المصرف التثبت فيها في كل قضية منفردة، فإن كل مدين يدعي أنه معسر، ولا سبيل للمصرف إلى أن يقنعه بكونه موسرا على خلاف ما يدعيه، إلا برفع القضية إلى المحكمة. ولذا، فالواقع العلمي الذي تسير عليه المصارف الإسلامية التي تقر بمبدأ التعويض، أنها تصرح في اتفاقياتها بأن المدين يعتبر موسرا إلا في الحالة التي قضي عليه فيها بالإفلاس قانونا.
ـــــــــــــ
(1) المهذب للشيرازي1/370.