أما القول بأن الدائن لو حصل على مبلغ دينه في وقته الموعود، لربح فيه الأرباح، ففوات هذه الأرباح ينبغي أن يزال من قبل من تسبب بهذا الضرر. فإن هذا القول مبني على اعتبار الربح المتوقع من النقود ربحا حقيقيا، وعلى أن النقود مدرة للربح في نفسها بحساب كل يوم. وإن هذا المبدأ إنما أقرته النظريات الربوية، ولا عهد به في الفقه الإسلامي. ولو كان هذا المبدأ معتبرا في الإسلام، لكان الغاصب أو السارق أولى بتطبيقه عليه، ولكن لا يوجد في تاريخ الفقه الإسلامي أحد ذهب إلى فرض التعويض المالي على غاصب النقود أو سارقها، لكونه فوت ربحها على المغصوب منه في مدة الغصب، وقد فرضت الشريعة الإسلامية عقوبة قطع اليد على السارق، ولم تفوض عليه أي تعويض مالي بالإضافة إلى النقود المسروقة. وهذا دليل على أن المبدأ المذكور لا تقره الشريعة الإسلامية.
وإن المدين المماطل لا يتجاوز من أن يكون غاصبا أو سارقا، فغاية ما يتصور في حقه أن تجرى عليه أحكام السرقة والغصب، ولم تفرض الشريعة الإسلامية أي تعويض على السارق أو الغاصب، من أجل النقود المغصوبة، ولا شك أن كلا من السارق والغاصب، من أجل النقود المغصوبة، ولا شك أن كلا من السارق والغاصب قد أحدث ضررا على المالك، لا في حرمانه من أصل ماله فقط، بل في فوات الربح المتوقع منه أيضا. ولكن الشريعة الإسلامية قد أمرت بإزالة هذا الضرر برد المال المسروق إلى المالك فقط، وبعقوبة الجاني في جسمه أو عرضه، فتبين أن فوات الربح المتوقع ليس ضررا معوضا عليه في الشرع.
وقد استدل بعض المعاصرين على جواز هذا التعويض بأن المنافع المغصوبة مضمونة على الغاصب عند كثير من الفقهاء، وفيما يعد للاستغلال عند الحنفية أيضا، ولكن هذا الاستدلال لا يصح في النقود المغصوبة، فإن منافع المغصوب إنما تضمن (عند من يقول بالضمان) . في