"طعام أهل الكتاب "، فإن تمسك بالآية المذكورة في حرمة لحم الخنزير، فإن نفس الآية تحرم المنخنقة والموقوذة، ولا سبيل إلى التفريق بينهما, فإن خصت الآية المذكورة لحم الخنزير من عموم "طعام أهل الكتاب " فإنها خضت المنخنقة والموقوذة أيضا على قدم سواء، بل بالطريق الأولى، لأن الخنزير حلال في دينهم، والمنخنقة والموقوذة حرام في أصل دينهم، كما سيأتي إن شاء الله تعالى، فإن كان الطعام الذي هو حلال في دينهم- وهو الخنزير- مستثنى من طعام أهل الكتاب المباح للمسلمين، فالطعام الذي هو حرام في أصل دينهم - وهو لحم المنخنقة والموقوذة- يكون مستثنى بالطريق الأولى.

2- قد تقرر في أصول الفقه واللغة أنه متى ورد حكم على اسم مشتق، فمادة اشتقاقه هي العلة لذلك الحكم, مثلا إذا قلنا: أكرموا العلماء، فإن حكم الإكرام ورد على العلماء الذي هو اسم مشتق، فمادة اشتقاقه، وهي العلم، علة الإكرام، وهذا واضح مسلم. فإذا ورد حكم الحرمة في آية المائدة على المنخنقة والموقوذة فإن الخنق والوقذ علة لهذا الحكم, وإن ذلك يدل على أنه متى وجد الخنق أو الوقذ، ثبت حكم الحرمة، ولا تأثير في ذلك لديانة الخانق أو الواقذ، فيحرم الحيوان بالخنق والوقذ، سواء كان الفاعل مسلما أم كتابيا.

3- غاية ما يثبت من قول الله تعالى: {وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم} أنهم في أمر الذبائح في حكم المسلمين سواء بسواء، لا أنهم يفوقون المسلمين، حتى يحل منهم ما يحرم من المسلمين، ونتيجة قول ابن العربي أن تكون للكفار مزية على المسلمين من حيث إن ما يقتلونه بأي طريق حلال طيب، وما يقتله المسلم بنفس الطريقة حرام , وهذه النتيجة باطلة بالبداهة.

4- من المسلم في الأمة الإسلامية أن الكفار كلهم ملة واحدة، وكان هذا الأصل يقتضي أن يكون أهل الكتاب مثل الكفار الآخرين في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015