بقول القاضي ابن العربي رحمه الله حيث قال: "ولقد سئلت عن النصراني يفتل عنق الدجاجة ثم يطبخها: هل يؤكل معه أو تؤخذ طعاما منه؟ وهي المسألة الثامنة. فقلت: تؤكل لأنها طعامه وطعام أحباره ورهبانه، وإن لم تكن هذه ذكاة عندنا، ولكن الله تعالى أباح طعامهم مطلقا، وكل ما يرونه في دينهم فإنه حلال لنا في ديننا، إلا ما كذبهم الله سبحانه فيه" (1) ولكن هذا القول الغريب من ابن العربي رحمه الله متعارض تمام التعارض مع الأصل الذي ذكره هو نفسه في نفس الكتاب قبل نحو صفحة من هذه العبارة، وعبارته هناك ما يلي: "فإن قيل: فما أكلوه- أي أهل الكتاب- على غير وجه الذكاة كالخنق وحطم الرأس؟ فالجواب: أن هذه ميتة، وهي حرام بالنص، وإن أكلوها فلا نأكلها نحن، كالخنزير فإنه حلال لهم ومن طعامهم، وهو حرام علينا، فهذه مثله، والله أعلم" (2) . وهذا تعارض صريح في عبارتي ابن العربي، ومتى وقع التعارض بين عبارتيه، فالأجدر بالقبول ما هو ثابت بالنصوص، ومؤيد بتعامل الأمة، دون الفتوى الشاذة التي تنابذها الأدلة القوية الآتية:
1- إن الله سبحانه وتعالى قال: {حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم} [المائدة: 3] فحرم المنخنقة والموقوذة على الإطلاق. فيشمل كل ما مات بالخنق والوقذ، فمن يستدل بعموم قوله تعالى: {وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم} على كون مخنوقة الكتابي أو موقوذته حلالا، يلزمه أن يقول بحل الخنزير الذي ذبحه كتابي، لأنه من جملة