رابعا: قدمنا عن صاحب الهداية أنه لو كان المسبب متعديا والمباشر غير متعد، فالمسبب أولى بالضمان من المباشر، ولا شك في تعدي القافز في مسألتنا، وعدم تعدي السائق، فليكن القافز هو المسئول عن فعل نفسه. خامسا: لا أقل من أنه قد وقع الشك في كون السائق مباشرا للإتلاف وفي كونه ضامنا، ومن أكبر الشواهد على ذلك أن اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء السابق ذكرها قد ترددت في ضمان السائق، وفي صورة الشك لا يجب الضمان، قال البغدادي في مجمع الضمانات: (رجل حفر بئرا في الطريق، فسقط فيها إنسان ومات، فقال الحافر: إنه ألقى نفسه فيها، وكذبته الورثة في ذلك، كان القول قول الحافر في قول أبي يوسف الآخر، وهو قول محمد؛ لأن الظاهر أن البصير يرى موضع قدمه، وإن كان الظاهر أن الإنسان لا يوقع نفسه، وإذا وقع الشك، لا يجب الضمان بالشك) (?) . وربما يستدل على تضمين السائق في هذه الصورة بما يأتي:
أ- اتفق الفقهاء على تضمين راكب الدابة ما وطئته خلال سيرها، ولم يستثنوا من ذلك صورة قفز الرجل أمام الدابة، فهذا يدل على أنهم يقولون بتضمينه في هذه الصورة أيضا. وهذا الدليل ليس بصحيح؛ لأن الفقهاء لم يذكروا هذه الصورة لا نفيا للتضمين فيها ولا إثباتا لها، ومجرد سكوتهم عن ذلك لا يدل على