مدى مسؤولية السائق بسيارته:
الأصل: أن سائق السيارة مسؤول عن كل ما يحدث بسيارته خلال تسييره إياها، وذلك لأن السيارة آلة في يده، وهو يقدر على ضبطها، فكل ما ينشأ عن السيارة، فإنه مسؤول عنه. والذي يظهر لي أن هناك فرقا كبيرا بين الدابة والسيارة من حيث إن الدابة متحركة بنفسها بخلاف السيارة، فإنها لا تتحرك إلا بفعل من السائق. ومن هذه الجهة أرى أن ما ذكره الفقهاء من الفرق بين ما أصابته الدابة بفمها أو يدها وبين ما نفحته برجلها أو بذنبها، لا يتأتى في السيارة، فإنهم ضمنوا الراكب في الحالة الأولى، ولم يضمنوه في الحالة الثانية؛ لأن راكب الدابة لا يمكنه التحرز عما تفعله الدابة برجلها أو بذنبها. أما السيارة، فلا تتحرك بنفسها، فجميع السيارة آلة للراكب، وهو يقدر على ضبط جميع أجزائها؛ لأن أجزاءها متماسكة بعضها مع بعض، ليس لجزء منها حركة مستقلة عن حركة الآخر، ولذا فيجب أن يضمن سائق السيارة لكل ضرر ينشأ عنها، سواء نشأ ذلك الضرر من أجزاء السيارة المتقدمة، أو من أجزائها المؤخرة، أو من أحد جانبيها. لأن كل ذلك تحت تصرف السائق، وليس شيء منها يتحرك بنفسه. إذن، فالأصل أن سائق السيارة ضامن لكل ضرر ينشأ من عجلاتها، أو من مقدمها، أو من خلفها، أو من أحد جانبيها؛ لأن السيارة آلة محضة في يد السائق، فتنسب مباشرة الإضرار إليه.
فإن كان سائق السيارة متعديا في سيره بمخالفة قواعد المرور، مثل أن يسوق السيارة بسرعة غير معتادة في مثل ذلك المكان، أو لم يلتزم بخطه في الشارع، وما إلى ذلك من قواعد المرور الأخرى، فلا خفاء في كونه ضامنا؛ لأن الضرر إنما نشأ بتعديه، والمتعدي ضامن في كل حال.