متصورة في زمن الإمام أبي يوسف - رحمة الله تعالى - فحينما يقول أبو يوسف بأداء قيمة الفلوس، فإنه لا يمكن أن يريد به قيمتها المقدرة على أساس قائمة الأسعار، أو القيمة الحقيقية (Real Value) بالاصطلاح الاقتصادي المعاصر.
والواقع أن الفلوس في الأزمنة المتقدمة كانت مرتبطة بنقود الذهب والفضة تقوم على أساسها (?) وتعتبر كالفكة للنقود الذهبية والفضية وكانت عشرة فلوس تعادل درهما واحدا من الفضة، فكان الفلس الواحد يعتبر عشر الدرهم الفضي، ولكن قيمة الفلس هذه لم تكن مقدرة على أساس قيمتها الذاتية، وإنما كانت قيمة رمزية اصطلح عليها الناس، فكان من الممكن أن يتغير هذا الاصطلاح، بأن يصطلح الناس على أن الفلس الواحد الآن يعتبر نصف عشر الدرهم بعد ما كان يعتبر عشرة، فهذا هو المراد برخص الفلوس، كما يمكن أن يصطلح الناس على أن الفلس الواحد الآن يعتبر خمس الدرهم، وهذا هو المراد بغلائها.
فإذا وقع غلاء الفلوس أو رخصها بهذه الصورة، فهل يؤدي المديون نفس عدد الفلوس الذي وجب في ذمته يوم العقد؟ أو يؤدي قيمة ذلك العدد يوم الأداء؟ قد وقع فيه خلاف العلماء. فقال أبو حنيفة: يؤدي نفس العدد الذي وجب في ذمته يوم العقد، ولا عبرة بالقيمة، وهو المشهور. من مذهب المالكية والشافعية والحنابلة (?) فلو اقترض أحد مائة فلس في وقت يعتبر فيه الفلس الواحد عشر درهم واحد فاقترض فلوسا تساوي عشرة دراهم في القيمة، ثم تغير الاصطلاح، حتى صار الفلس الواحد يعتبر نصف عشر درهم واحد.