ففي المرحلة الثالثة بدأ الناس في استعمال الذهب والفضة كأثمان في المبادلات؛ لقيمتها الذاتية في صنع الحلي والأواني، ولسهولة حملها وادخارها، حتى أصبح هذان المعدنان عيارا للقيمة يعتمد عليها الناس في جميع البلاد والأقطار. وإن هذا النظام النقدي يسمى "نظام النقود المعدنية (Metalic Money System) ، وقد مرت عليه تطورات كثيرة نستطيع أن نلخصها كما يلي:
1- ففي البداية استعمل الناس الذهب والفضة كسلع نقدية في صورة قطع متباينة الحجم والوزن والنقاء، سواء كانت تبرا أو مصوغة في صورة الحلي أو الأواني وغيرها، وكان التعامل بهما يتم بالوزن.
2- ثم شرع الناس في سبك النقود من الذهب في بعض البلاد، ومن الفضة في بلاد أخرى، كوحدات متساوية في الحجم والوزن والنقاء، مختومة بختم رسمي يشهد بسلامتها وقابليتها للتداول. وكانت قيمة القطع الاسمية (Face Value) مساوية لقيمة ما تحتويه من ذهب أو فضة (Gold or Silver Content) ، وإن قيمة الذهب المسبوك بهذا الشكل كانت مساوية لقيمة التبر إذا كان وزنها واحدا، وإن هذا النظام يسمى "نظام قاعدة التبر" أو "نظام قاعدة الورق (Gold Specie Standard) .
ويقال: إن أول من روج هذا النظام هم الصينيون في القرن السابع قبل ميلاد المسيح عليه السلام.
وكان المتعاملون في هذا النظام أحرارا في التعامل بالذهب تبرا أو مسبوكا أو مسكوكا، وفي استيراده وإصداره خارج البلاد. وكانت الدولة تلزم بسك كل ما يرغب سكه من قبل المواطنين، فيأتي إليها الناس بتبر أو ذهب مصوغ، فتتولى الدولة ضربهما سكة، وردهما إلى مالكهما، وكذلك يأتي بعضهم بذهب مسكوك ويريدون تذويبه، فتتولى الدولة ذلك أيضا، وترد إليهم الذهب بعد تذويبه تبرا.