عروضا، ولو ضاعت هذه الأوراق عند الفقير قبل أن يستمتع بها، لم تفرغ ذمة الغني الذي دفها من الزكاة الواجبة عليه.

ولكن هناك رأي آخر، وذلك أن هذه الأوراق قد أصبحت اليوم أثمانا عرفية بنفسها، فدفعها دفع للمال أو للثمن، وليس حوالة للدين، فتتأدى بأدائها الزكاة، ويجوز شراء الذهب والفضة بها.

فيجب قبل الدخول في أحكام الأوراق النقدية والعملات المختلفة، أن نبت في أحد الرأيين في التخريج الفقهي لهذه الأوراق.

وإني بعد دراسة هذا الموضوع في كتب الفقه والاقتصاد، ممن يميل إلى الرأي الثاني، وهو أن هذه الأوراق أثمان عرفية، وليست حوالة.

وبما أن معرفة حقيقة هذه الأوراق تحتاج إلى معرفة تطور النظام النقدي في العالم، نريد أن نلم في البداية بشيء من خلاصة هذا التطور.

تطور النظام النقدي في العالم:

من المعروف أن الناس في بداية الحياة البشرية كانوا يتبادلون الأشياء عن طريق المقايضة رضي الله عنهarter، ولكن هذا الطريق كان فيه من المشقة ما تمنع من استعمالها كطريق عام يصلح في كل زمان ومكان.

فراج بعد ذلك نظام آخر يسمى "نظام النقود السلعية" (Commodity money System) ، وذلك أن الناس قد اختاروا بعض السلع لتستعمل استعمال الأثمان في معظم عقود المبادلة، وانتقيت من أجل ذلك سلع يكثر استعمالها، وتشتد الحاجة إليها في بيئة خاصة، كالحبوب الغذائية والملح والجلود وما إلى ذلك.

ولكن استعمال هذه السلع في التبادل كان فيه من مشاكل الحمل والنقل ما لا يخفى، فلما كثر العمران وازدادت الحاجات وكثرت المبادلات، شعر الناس بحاجة إلى اختيار نقد يخف حمله، وتتوفر ثقة الناس به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015