أما عقود المستقبليات، فلم يظهر لها غرض مشروع يحتاج إلى طريق شرعي لإنجازه، والواقع إن ما يقع في سوق المستقبليات لا يقصد به تجارة حقيقية، وإنما المقصود هو المخاطرة في الأرباح التي هي بالقمار أشبه منها بالبيع.

وقد ذكرنا أن المتعاملين في سوق المستقبليات نوعان: الأول هم المخاطرون (Speculators) الذين لا يقصدون شراء السلع أو بيعها، أو تسليمها وتسلمها، وإنما يقصدون الحصول على فرق سعري البيع والشراء فحسب، وظاهر أنه غرض غير مشروع، لأنه استرباح بدون التجارة الحقيقية، وربح لما لم يضمنه الإنسان، وهو حرام بالنص الصريح. والنوع الثاني: هم الذين يريدون تأمين ربحهم (Hedging) على ما اشتروه في السوق الحقيقية، فيدخلون في سعر المستقبليات تجنبا عن الخسائر المحتملة بتقلبات الأسعار، كما وصفنا من قبل. ولكن مثل هذا التأمين إنما يحتاج إليه فيما يريدون احتكاره لمدة طويلة. فإنهم لو باعوا سلعهم بعد ما اشتروها ببضعة أيام، فإنه لا حاجة إلى تأمين الربح (Hedging) حينئذ، ولكنهم إنما يلجأون إلى دخول المستقبليات حينما يريدون احتكار السلع إلى مدة ليزيد ربحهم، ولكنهم في الوقت نفسه يخافون من التقلب المعاكس للأسعار، فيريدون أن يعقدوا المستقبليات للوقاية عن الخسائر المحتملة بسبب هذا التقلب المعاكس. يقول جيرالد كولد: "إن اشترى تاجر عشرة آلاف كيس من الذرة من أحد الفلاحين، واستطاع أن يبيعها فورا بسعر معين، مثل أن يشحن في مدة أسبوع مثلا، فمثل هذا التاجر لا يحتاج إلى تأمين الربح (بدخول المستقبليات) ، لأنه قد نقل خطر انخفاض السعر إلى مشتريه فور ما باع السلعة منه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015