ونقلنا نص البهوتي عن " شرح منتهى الإرادات " في جواز النزول عن حق التحجير وحق الجلوس في المسجد، وما إلى ذلك من حقوق الأسبقية والاختصاص، ومقتضى ذلك أن يجوز النزول عن حق الابتكار أو حق الطباعة لرجل آخر بعوض يأخذه النازل، ولكن هذا إنما يأتي في أصل حق الابتكار وحق الطباعة، أما إذا قرن هذا الحق بالتسجيل الحكومي الذي يبذل المبتكر من أجله جهده وماله ووقته والذي يعطي هذا الحق مكانة قانونية تمثلها شهادة مكتوبة بيد المبتكر وفي دفاتر الحكومة، وصارت تعتبر في عرف التجار مالا متقوما فلا يبعد أن يصير هذا الحق المسجل ملحقا بالأعيان والأموال بحكم هذا العرف السائر، وقد أسلفنا أن للعرف مجالا في إدراج بعض الأشياء في حكم الأموال والأعيان، لأن المالية كما حكينا عن ابن عابدين رحمه الله تثبت بتمول الناس، وإن هذا الحق بعد التسجيل يحرز إحراز الأعيان، ويدخر لوقت الحاجة ادخار الأموال، وليس في اعتبار هذا العرف مخالفة لأي نص شرعي من الكتاب أو السنة، وغايته أن يكون مخالفا للقياس، والقياس يترك للعرف، كما تقرر في موضعه.

ونظرا إلى هذه النواحي أفتى جمع العلماء المعاصرين بجواز بيع حق، أذكر منهم من علماء القارة الهندية: مولانا الشيخ فتح محمد اللكنوي رحمه الله (تلميذ الإمام عبد الحي اللكنوي رحمه الله) (?) والعلامة الشيخ المفتي محمد كفاية الله والعلامة الشيخ نظام الدين، مفتي دار العلوم بديوبند (?) وفضيلة الشيخ المفتي عبد الرحيم اللاجبوري (?) .

وأما المانعون فتمسكوا أولا بأن حق الابتكار حق، وليس عينا ولا يجوز الاعتياض عن الحقوق المجردة، ولكن يتضح مما سبق من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015