الأحداث بها وينكر الشيوخ عليهم إضاعة الوقت. ولم يكن قتادة يجهل الأسانيد فقد فاز شعبة منه بذكرها إذ تبين لقتادة أنه جدير بذلك فأخذ يسند له، ولكن قتادة لم يعدل عن طريقته في التحديث دون إسناد حتى قدم إلى البصرة حماد بن أبي سليمان وهو كوفي كان يلتزم ذكر الإسناد، فحدث بالإسناد فعندئذ أخذ قتادة بذكر أسانيد حديثه1، وذلك دليل أيضا على معرفة قتادة بالأسانيد عندما كان لا يذكرها وأن عدم ذكره لها كان اختصارا للوقت.
وهكذا طغى الإسناد في أوائل القرن الثاني الهجري والتزم به المحدثون، ويعكس لنا أهمية الإسناد في هذه الفترة ما قاله نقاد الحديث وأئمته مثل محمد بن سيرين (ت110هـ) الذي رأى أن "الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء"2، واعتباره الإسناد من الدين لأن الإسناد وسيلة لتمييز الأحاديث ومعرفة الصحيح من الموضوع مما يترتب عليه أحكام وتعاليم الدين وهو ما عناه ابن سيرين بقوله الآخر "أن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم"3 وقوله أيضا "بيننا وبين القوم القوائم يعني الإسناد"4. ويتردد هذا المعنى بوضوح أيضا عند المعاصرين لابن سيرين، فقد أكدوا بأقوالهم على أهمية الإسناد كما التزموا به في منهجهم في التحديث، فكان الأعمش ربما حدث بالحديث ثم يقول "بقي رأس المال حدثني فلان قال ثنا فلان عن فلان"5.
لقد اعتبر الأعمش الإسناد جزءا مهما من الحديث إذ لا يمكن قبول المتن دون إسناد ومن ثم فقد عقب على المتن بذكر إسناده. وقد أصبح قبول الحديث