ورحل رجل من الصحابة إلى فضالة بن عبيد بمصر فلما قدم إليه قال له:
أما أني لم آتك زائرا ولكني سمعت أنا وأنت حديثا من رسول الله صلى الله عليه وسلم رجوت أن يكون عندك منه علم1، وقال عبد الله بن مسعود: "لو أعلم أحدا أعلم بكتاب الله مني تبلغه الإبل لأتيته"2.
ويتبين مما ذكرت أن سبب رحلة الصحابة كانت لسماع حديث لم يسمعه الصحابي من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو للتثبت من حديث يحفظه الصحابي، وليس في بلده من يحفظه فيشد الرحال إلى من يحفظه ولو كان على مسيرة شهر.
وقد استمرت الرحلة في جيل التابعين فقد تفرق الصحابة في الأمصار يحملون معهم العلم فما كان ليتيسر للرجل أن يحيط علما بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم دون رحلة في الأمصار وملاحقة الصحابة المتفرقين فيها.
يقول سعيد بن المسيب "ت94هـ" أحد كبار التابعين "إن كنت لا سير في طلب الحديث الواحد مسيرة الليالي والأيام"3.
ورحل الحسن البصري "ت110هـ" من البصرة إلى الكوفة في مسألة4 وأقام أبو قلابة في المدينة ثلاثة أيام ما له حاجة إلا رجل كانوا يتوقعون قدومه كان يروي حديثا، فأقام حتى قدم وسألة عن الحديث5.