إن أقدم من أخذ بالترتيب على النسب من المصنفين في الرجال هما خليفة ابن خياط "ت240هـ" في "الطبقات" ومحمد بن سعد "ت230هـ" في "الطبقات الكبرى".
فأما خليفة فقد كان أكثر التزاما بالترتيب على النسب حيث جعل النسب هو الأساس الوحيد في ترتيب الصحابة في المدينة، ولم يعتبر السابقة في الإسلام ولا تقدم سنة الوفاة، ولا التفاضل بين الصحابة، وبهذا استطاع أن يعرض الرواة من الصحابة على أساس العشائر دون إخلال بهذا الأساس سواء في ما كتبه عن الصحابة في المدينة أو ما كتبه عن الصحابة في الأمصار كالكوفة والبصرة، وكذلك فعل عند كلامه عن الصحابة الذين نزلوا بلاد الشام.
ويستمر التقسيم على النسب ظاهرا في طبقات خليفة عند كلامه عن التابعين في الكوفة والبصرة والمدينة، ولا يتجاوز هذا الأساس إلا في موضع واحد فقط عند ذكره للطبقة الثانية من التابعين في المدينة، فقد قدم ابناء المهاجرين على غيرهم معتبرا السابقة في الإسلام، ولكنه عاد بعد ذلك إلى الترتيب النسبي.
وقد حافظ خليفة بن خياط على النسق الذي اتبعه في تسلسل القبائل من بداية كتابه حتى يتلاشى عنده الترتيب على النسب بعد التابعين، مما يؤكد أن تسلسل القبائل عنده لم يكن مجرد ترتيب عرضي بل هو أمر مقصود قائم على فكرة القرابة من النبي صلى الله عليه وسلم وهو بذلك يتابع كتب الأنساب.
إن الترتيب على النسب يختفي بعد طبقة التابعين، ولا يعود إلى الظهور إلا في القسم الأخير الذي خصصه للنساء.
أما محمد بن سعد فقد مزج بين الترتيب حسب السابقة في الإسلام وحسب النسب في القسم الذي خصصه للصحابة في المدينة1، حيث اعتبر السابقة في الإسلام الأساس الأول، فوضع البدريين طبقة أولى، وجعل من له إسلام قديم وهاجر إلى الحبشة أو شهد أحدا ثم من أسلم قبل فتح مكة طبقة