النسب. وليست مادة النسب هذه دخيلة على علم الرجال، فالأصل في كتب الرجال التعريف بالرواة بذكر أنساب آبائهم وأمهاتهم، وقد انتقد ابن الأثير كتابي أبي عبد الله بن مندة وأبي نعيم الأصبهانيين في معرفة الصحابة لأنهما أكثرا ذكر الأحاديث والكلام عليها وبيان عللها ولم يطيلا نسب الشخص وأخباره وأحواله مما يعرف به، وامتدح من ناحية كتاب "الاستيعاب في معرفة الأصحاب" لابن عبد البر القرطبي لأنه استقصى ذكر الأنساب وأحوال الشخص ومناقبه وكل ما يعرف به حتى أنه يقول هو ابن أخي فلان وابن عم فلان وصاحب الحادثة الفلانية، وكان هذا هو المطلوب من التعريف أما ذكر الأحاديث وعللها وطرقها فهو بكتب الحديث أشبه1.

وهكذا أوضح ابن الأثير أن النسب من المادة الأساسية في كتب الرجال، فلا عجب إذا وجدنا بعض المصنفين في علم الرجال يرتبون مادتهم على النسب.

والترتيب على النسب يعني أن المصنف يجمع الرواة الذين هم من عشيرة أو قبيلة واحدة في موضع واحد يقدم لهم مثلا بقوله: ومن قريش ثم من بني هاشم فلان وفلان.. ويذكرهم، ثم يتبع نسقا معينا في عرض القبائل والعشائر بأن يبدأ بمضر ثم قحطان، ولا يقدم قحطان على مضر، كذلك يبدا من مضر بقريش ثم بقية قبائل مضر وهذا التقديم قائم على أساس القرابة من النبي صلى الله عليه وسلم، وقد سبق القول أن أول من اتبع هذا التسلسل عند سرد الأنساب عمر بن الخطاب في تدوين الديوان، ولما ظهرت كتب الأنساب تقيدت بهذا التسلسل، ثم امتد هذا التنظيم إلى كتب الرجال التي نظمت مادتها على النسب، بل امتد أيضا إلى بعض المسانيد الحديثية التي رتبت الشيوخ على القبائل2. ومن هذا يتضح أن تنظيم القبائل بهذا الشكل إسلامي بحت ولا يرجع إلى أصول جاهلية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015