لقد أعطت السابقة في الإسلام والمشاركة في الغزوات الأولى مع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابها مكانة مرموقة بين المسلمين، وهذا ما حدث للمهاجرين الأولين والبدريين والأحديين وأهل بيعة العقبة، وقد امتدت آثار ذلك إلى ابنائهم وأحفادهم فاهتم هؤلاء بحفظ أنسابهم والتعريف بها لما في ذلك من قيمة اجتماعية، وينبغي أن لا ننسى أن أهل السابقة في الجهاد تمتعوا بامتيازات اقتصادية أيضا زمن عمر بن الخطاب1.

وقد ظل التماسك القبلي قويا عندما استقر العرب في الأمصار المفتوحة فكانت خطط الأمصار كالبصرة والكوفة قائمة على أساس قبلي حيث سكنت كل عشيرة في موضع خاص بها2.

وكانت القبيلة هي الوحدة العسكرية في ميادين القتال، كما كانت أساسا للتنظيم الاجتماعي والإداري في الأمصار3.

وهذه العوامل جعلت معرفة الأنساب ضرورة دينية واجتماعية وعسكرية وإدارية فاستمر الاهتمام بها حتى برز في ظل الدولة الإسلامية عدد من كبار النسابين الذين كانوا يعتمدون على ذاكرتهم قبل بدء تدوين الأنساب منهم من جيل الصحابة أبوجهم بن حذيفة بن غانم القرشي العدوي فهو أحد أربة كانت قريش تأخذ منهم علم النسب4، وقد استمر اهتمامه بالأنساب بعد إسلامه، وجبير بن مطعم بن عدي الذي كان من أعلم الناس بالأنساب5، ودغفل بن حنظلة السدوسي الذي اختاره معاوية بن أبي سفيان لتعليم ابنه يزيد علم الأنساب6 وعبيد بن شرية الذي اشتهر بمعرفة أنساب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015