رابع عشر: (ص 32) : قالا: ((هذا الموقف المضطرب من توثيق ابن حبان والعجلي وابن سعد وأضرابهم، والذي يمكن تقديم عشرات الأمثلة عليه لا يمكن إحالته على سبب من الأسباب، سوى الابتعاد عن المنهج وخلو الكتاب منه، ومثله مثل مئات التراجم التي لم يحررها تحريراً جيداً، بحيث ضعَّف ثقات، ووثق ضعفاء، وقبل مجاهيل، واستعمل عبارات غير دقيقة في المختلف فيهم مما سيجده القارئ الباحث في مئات الانتقادات والتعقبات التي أثبتناها في " تحرير أحكام التقريب ")) .
أما القاعدة الصحيحة في الموقف من توثيق ابن حبان، فهي كما يلي:
1- ما ذكره في كتابه " الثقات " وتفرد بالرواية عنه واحد - سواء أكان ثقة أم غير ثقة - ولم يذكر لفظاً يفهم منه توثيقه، ولم يوثقه غيره، فهو يعد مجهول العين، وهي القاعدة التي سار عليها ابن القطان الفاسي وشمس الدين الذهبي، ولهما فيها سلف عند الجهابذة، فقد قال علي ابن المديني في جري بن كليب السدوسي البصري: ((مجهول لا أعلم روى عنه غير قتادة)) ، وقال في جعفر بن يحيى بن ثوبان: ((شيخ مجهول لم يرو عنه غير أبي عاصم (الضحاك بن مخلد النبيل)) ) ، وقال أبو حاتم الرازي في حاضر بن المهاجر الباهلي: ((مجهول)) مع أن شعبة بن الحجاج روى عنه.
2- إذا ذكره ابن حبان وحده في " الثقات " وروى عنه اثنان، فهو مجهول الحال.
3- إذا ذكره ابن حبان وحده في " الثقات " وروى عنه ثلاثة، فهو مقبول في المتابعات والشواهد.
4- إذا ذكره ابن حبان وحده في " الثقات " وروى عنه أربعة فأكثر، فهو صدوق حسن الحديث.
5 - إذا صرح ابن حبان بأنه مستقيم الحديث أو لفظة أخرى تدل على التوثيق فمعنى هذا أنه فتش حديثه فوجده صحيحاً مستقيماً موافقاً لأحاديث الثقات، فمثل هذا يوثق مثله مثل أي توثيق لواحد من الأئمة الكبار، لما لابن حبان من المنزلة الرفيعة في الجرح والتعديل.