أنه أقام ثمانية عشر، وروى جابر رضي الله عنه عشرين يوماً، ولم يصحح الشافعي رحمه الله خبر أنس، والأصح أنه كان [54 أ / 3] ثمانية عشر يوماً، وجابر رضي الله عنه حسب فيه يوم الدخول ويوم الخروج فصار عشرين يوماً، فإن زاد على ذلك نص في "الأم" على قولين، وقال فيه القول الأول أولى أن لا يقصر زيادة على ما ذكرنا، وهذا لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: أقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحرب هوزان ثمانية عشر يوماً يقصر الصلاة، فمن أقام أكثر من ذلك فليتم، واختار المزني القول الثاني، وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد. وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه ثلاثة أقوال أيضاً على ما ذكرنا وهو ضعيف بعيد، فإذا تقرر هذا فاعلم أن في هذا الفصل إشكالاً وهو أن الشافعي جعل أربعة أيام في مباشرة الإقامة حداً لجواز القصر فيها حين قال: فإذا جاوز أربعة أتم، وقيل: هذا بعد أربعة بنية الإقامة حداً لوجوب الإتمام، فيحتاج إلى الجمع بين هذين النصين لئلاً يتناقضا.
ووجه الجمع ما ذكره القفال رحمه الله، وهو أنه أراد بذكر أربعة أيام في مباشرة الإقامة مع يومي الدخول والخروج، وأما في نية الإقامة أراد فيه مقام أربعة أيام سوى يوم الدخول والخروج فهما متفقان من هذا الوجه [54 ب / 3].
فرع
لو نوى أن يقيم في بلد يوماً، ونوى أنه إن بقي فيه ثلاثاً أقام أربعة أيام فإنه يقصر في ذلك اليوم حتى يلقاه؟ لأنه قبل أن يلقاه لم يحصل منه نية مقام أربعة أيام ولا فعله، فإذا لقيه لم يجز له القصر، وكذلك لو نوى الخروج إلى سفر طويل، ثم بعل مفارقة العمران قال: إن لقيت فلاناً انصرفت فلما لم تلقه لا تنقطع رخصته، فإذا لقيه صار كالمقيم في موضعه بنيته السابقة، وقال القفال رحمه الله: وكذلك لو قال: إن دخلت بلدة في وسط الطريق أقمت هناك أربعة أيام، فما لم يدخلها لا يصير مقيماً، وإن كان من بلده إلى هناك أقل من مسافة القصر.
وقيل فيه وجهان: وليس بشيء فإنه خلاف المنصوص. ولو خرج في الابتداء يريد لقاء فلان أو أتى عبداً له أو ضالة ببلد يقصر فيه الصلاة، فقال: إن تنجزت الحاجة دون البلد رجعت، لم يكن له القصر حتى تكون نيته بلوغ البلد الذي يقصر فيه الصلاة، أو تيقن أنه لا تنتجز حاجته ما لم يخرج ستة عشر فرسخاً، وهذا لأنه لم يقطع بنيته سفراً يستباح فيه القصر فتفرق بين الابتداء والانتهاء في هذه النية نص عليه، ولو [55 أ / 3] أقام في بلد أربعة بعده على ما بينا.
فرع
لو قصد السفر إلى البلد الذي فيه العبد الآبق، وهي مسافة القصر، ثم في أثناء الطريق قال: إن استقبلني العبد في الطريق رجعت، فإلى وقت تغيير النية له أن يقصر