من "الأم": أنه إذا كان محارباً أو خائفاً مقيماً في موضع سفر قصر ثمانية عشر، فإذا جاوزها أتم، وإذاً كان غير خائف قصر أربعة فإذا جاوزها أتم، وهذا مثل ما نقله المزني، ويحتمل أن يكون قوله في "الأم": أحببت خطأ القلم من أوجبت، لأنه في الموضع الذي يستحب القصر لا يأمر بالإعادة إذا أتم فعلى هذا لا يقصر فيما زاد على الأربعة قولا واحداً، أو هذا ضعيف.

وقال بعض أصحابنا بخراسان: لم يقل الشافعي يقصر أبداً كما في الحرب في أحد القولين بل أراد أن [53 أ / 3] الحرب كالأمن في أن لا يزيد فيها القصر على أربعة أيام، فهو يشبه الحرب بالأمن لا الأمن بالحرب، واحتجاج المزني رحمه الله بما روى ابن عمر رضي الله عنهما في أذربيجان أنه يقصر أبداً غلط، لأن أذربيجان هي بلاد كثيرة، فيجوز أن يكون أقام في كل بلد منها دون مدة المقام، وهكذا الجواب إن احتج بما روي أن مسور بن مخرمة أقام بفارس سنتين يقصر الصلاة، وهذا غلط لما ذكرنا من النص الصريح.

وقيل فيه ثلاثة أقوال:

أحدها: يقصر أبداً وبه قال أبو حنيفة.

والثاني: يقصر إلى سبعة عشر.

والثالث: لا يقصر فيما زاد على الأربعة بحال. فأما إذا تيقن أنه لا تنتجز حاجته في أقل من أربعة أيام لا يجوز له القصر عندنا قولاً واحداً، وأما المحارب وهو من كان مقيماً على حرب أو مستعداً للحرب أو خائفاً من حرب، فلا يخلو إما أن ينوي مقاماً معلوماً أو لا ينوي، فإن نوى مقاماً مدة معلومة، فإن قصرت عن أربعة كان له القصر كالتاجر سواء: وقال في "القديم": فيه قولان أحدهما: هذا، والثاني: له القصر أبدأ وبه قال أبو حنيفة _ رحمه الله _، وهو اختيار المزني رحمه [53 ب / 3] الله لأن المحارب لا تصح نيته وعزمه لأنه مقيم على الحرب فربما هزم وربما هزم ولا اختيار له في ذلك، وروي أن رجلاً سأل ابن عباس فقال: إنا نقرأ ببلاد خراسان فنقيم في الموضع الشهر والشهرين، أفأقصر الصلاة؟ فقال: اقصر ولو إلى عشر سنين. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخيبر أربعين يوماً يصلي ركعتين، وظاهر المذهب الأول؛ لأنه نوى مقام أربعة أيام، وما ذكروا من التجويز يجوز أيضاً في حق من أقام على نجز حاجة من غير حرب، وان لم ينو مقاماً ولكنه يتوقع انقضاء الحرب ويريد الانصراف متى ينقضي، فله القصر إلى سبعة عشر يوماً، أو ثمانية عشر يومأ: لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقام هذه المدة بمكة عام الفتح مستعداً لحرب هوزان يقصر، وقد اختلفت الأخبار في هذا، فروى أنس رضي الله عنه أنه أقام عشرة أيام، وروى عمران بن حصين رضي الله عنه أنه أقام سبعة عشر، وروى ابن عباس رضي الله عنهما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015