بوجوه المصالح، وذلك بأن يقول: من دلنا على أقرب الطرق، أو من أوصلنا إلى القلعة، أو أرشدنا إلى مغنم، أو أظفرنا بأسباب الفتح من احتلال مضيق، وشعب حصون، أو كان عيناً لنا عليهم ونقل أخبارهم، فله كذا وكذا، فهذه جعالة يصح عقدها لمن أجاب إليها من مسلم، ومشرك، لعودها بنفع للجاعل والمستعجل، ويجوز أن يكون العوض فيها من أموال المسلمين، ومن أموال المشركين، فإن كانت من أموال المسلمين لم يصح إلا أن يكون العوض معلومًا، إما معينًا، أو في الذمة فالمعين أن يقول: فله هذا العبد، وفي الذمة أن يقول: فله مائة دينار، فإن كان مجهولاً لم يصح، لأن ما أمكن نفي الجعالة عنه منعت الجهالة من صحته كسائر العقود، وإن كان العوض من أموال المشركين، صحت الجهالة، وإن كان العوض فيها مجهولًا وبما ليس في الحال مملوكاً فتكون الجعالة بأموالهم مخالفة للجعالة بأموال المسلمين من وجهين:

أحدهما: جوازها مجهول

والثاني: جوازها بغير مملوك.

ودليله ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صالح بني النضير على أن يأخذوا ما تستوقره الإبل إلا المال والسلاح وهذا مجهول وغير مملوك. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل في البدأة الربع، وفي الرجعة الثلث، وذلك من غنيمة مجهولة وغير مملوكة.

وروى عدي بن حاتم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: مثلت لي الحيرة كأنياب الكلاب وأنتم ستفتحونها فقام رجل فقال يا رسول الله هب لي بنت بقيلة، فقال: هي لك، فلما فتحها أصحابه أعطوه الجارية، فقال أبوها: أتبيعها، فقال: نعم بألف فأعطاه الألف فقيل له لو طلبت ثلاثين ألفًا أعطاك، فقال: وهل عدد أكثر من ألف.

وروي أن أبا موسى الأشعري حاصر مدينة السوس، فصالحه دهقانها على أن يفتح له المدينة، ويؤمن مائة رجل من أهلها، فقال أبو موسى: إني لأرجو أن يخدعه الله عن نفسه فلما عزلهم قال له أبو موسى: أفزعت قال: نعم فأمنهم أبو موسى، وقال: الله أكبر، وأمر بقتل الدهقان قال: أتغدر بي وقد أمنتي قال: أمنت العدة التي سميت، ولم تسم نفسك فنادي بالويل وبذل مالاً كثيراً، فلم يقبل منه وقتله.

فصل

فإذا صح ما ذكرنا فصورة مسألتنا في علج اشترط أن يدل المسلمين على قلعة على أن يعطوه جارية منها سماها فدلهم عليها، فهذا شرط صحيح تصح به الجعالة مع الجهالة لما قدمناه، ولا يخلو حال القلعة بعد الوصول إليها من أن يظفر المسلمون بفتحها، أو لا يظفروا، فإن لم يظفروا بفتحها فلا شيء للدليل لأنه لما شرط جارية منها صارت جعالته مستحقة بشرطين: الدلالة، والفتح، فلم يستحقها بأحد الشرطين، ولو جعل شرطه في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015