والثاني: أن تقدر مدة أمانه بأقل من المدة المشروعة. كإعطائه أمان شهر فلا نتجاوز مدة الشرط إلى
مدة الشرع اعتبار بموجب العقد، ويكون بعد انقضائها على ما مضى.
والثالث: أن تقدر مدة أمانه بأكثر من المدة المشروعة كإعطائه أمان سنة أو أمان الأبد فيبطل الأمان قيما زاد على المدة المشروعة نصاً واجتهاداً ويصير مقصوراً على المدة المشروعة نصاً واجتهاداً، ويصح فيها قولًا واحدًا، وخرج بعض أصحابنا فيه قولًا ثانيًا من تفريق الصفقة إذا جمعت سحبة وفاسداً تعليلًا بتفريقها بأن اللفظة تعمها ولا وجه لهذا التخريج لأنه من عقود المصالح العامة التي هي أوسع من أحكام العقود الخاصة ويجب إعلامه يحكمنا وهو على أمانه ما لم يعلم فإذا علم زال الأمان ووجب رده إلى مأمنه.
فصل:
وإذا دخل مشرك دار الإسلام وادعى دخولها بأمان رجل من أهلها، فإن كان قبل أسره قبل فيه إقرار من ادعى أمانه، وإن كان بعد أسره لم يقبل إقراره إلا ببينة تشهد بالأمان، لأنه قبل الآسر يملك أن يستأنف أمانه فملك الإقرار به، ولا يملك أن يستأنف أمانه بعد الأسر، فلم يملك الإقرار به كالحاكم يقبل قوله فيما حكم به في ولايته، ولا يقبل قوله فيه بعد عزله إلا ببينة تشهد به، والبينة على أمانه شاهدان عدلان، ولا يقبل منه شاهد وامرأتان لأنه يسقط بها القتل عنه نفسه، وبينة القتل شاهدان، ولو كان هذا في أسير قد أسلم فادعى تقدم إسلامه قبل أسره طولب بالبينة، ويجوز أن يقبل في بينته شاهد وامرأتان، لأنها بينة لنفي الاسترقاق والفداء دون القتلى وذلك من حقوق الأموال الثابتة بشاهد وامرأتين فلذلك، ما افترق حكم البينتين، والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي: "ولو أن علجًا دل مسلمين على قلعة على أن له جارية سماها فلما انتهوا إليها صالح صاحب القلعة على أن يفتحها لهم ويخلوا بينه وبين أهله ففعل فإذا أهله تلك الجارية فأرى أن يقال للدليل إن رضيت العوض عوضناك بقيمتها وإن أبيت قيل لصاحب القلعة أعطيناك ما صالحنا عليه غيرك بجهالة فإن سلمها عوضناك وإن لم تفعل نبذنا إليك وقتلناك فإن كانت أسلكن قبل الظفر أو مات تعوض ولا يبين ذلك في الموت كما يبين إذا أسلكت".
قال في الحاوي: وأصل هذا أنه يجوز للإمام ووالي الجهاد أن يبذل في مصالح المسلمين وما يفضي إلى ظفرهم بالمشركين ما يراه من أموالهم وأموال المشركين، لقيامه